أوصى البيان الختامي للملتقى الخامس لمنتدى تعزيز السلم، الذي اختتم فعالياته الجمعة بمدينة أبوظبي، بإيجاد إطار تنظيمي لتطبيق حلف فضول جديد في كل الدول طبقاً لقوانينها ونظمها، ليجمع الأديان السماوية لإحلال السلم والتآخي والقيم الإنسانية عبر العالم. وأورد البيان الختامي، الصادر عن الملتقى، أن حلف الفضول الجديد ينبني على متقدمتين، أولاهما على «الوعي المشترك لدى العقلاء بالمأزق الذي غدت البشرية تعيش فيه، بسبب عجز النموذج الحضاري المعاصر الذي انخرطت فيه الإنسانية جمعاء، عن تلبية آمالها في الازدهار والاستقرار". وثاني المقدمتين هي «القناعة بوجود قيم إنسانية مشتركة، وهي القيم الكونية التي لا تختلف فيها العقول، ولا تتأثر بتغير الزمان، أو محددات المكان، أو نوازع الإنسان، لأن لها منابت وأصولا تحفظها من عوادي الدهر وتعسفات البشر". ويسعى منتدى تعزيز السلم، الذي يرأسه الشيخ الموريتاني عبد الله بن بيه وتأسس منذ سنوات بالإمارات العربية المتحدة، إلى إقامة حلف فضول جديد في العالم بين الديانات السماوية والإنسانية جمعاء، باستلهام حلف الفضول الذي عقدته أفخاذ قبيلة قريش في فترة الجاهلية لإنهاء الحرب والعنف والظلم والجور. ودعا الملتقى الخامس، الذي حضره أساقف وحاخامات وقساوسة ومفتون وعلماء ومفكرون من مختلف دول العالم، إلى «وضع خارطة طريق لتحقيق ما يمكن تحقيقه من أهداف حلف الفضول الجديد ولتجربة التعاون بين أطرافه ميدانياً وتفعيل ما بينهم من المشتركات". وشدد البيان الختامي على ضرورة إبراز «تيار التضامن والتعاون لإنجاز أعمال ميدانية تبرهن للعالم كله على أن الدين في أصله هو عامل خلاص ورحمة للعالمين»، كما اقترح المشاركون فيه استلهام نموذج قوافل السلام لتأسيس نوع جديد من الحوار التعارفي واكتشاف أهل كل دين للتأكيد على أن روابط الأخوة والقيم المشتركة التي تربطهم بغيرهم أكثر مما يتصورون. المشاركون أكدوا أيضاً أن «على قادة الديانات أن يبرهنوا على فعالية أفضل وانخراط أكبر لهموم المجتمعات البشرية لإعادة الرشد وإبعاد شبح الحروب والفتن المهلكة؛ فإذا كان البعض ينظر إلى الدين كعامل تفرقة وتمزيق لنسيج الشعوب، فإن حلف الفضول الجديد يريد أن يبرهن عملياً على أن الدين يمكن ويجب أن يكون قوة بناء ونماء ووئام وإطفاء للحريق، يبني ولا يهدم، يجمع ولا يفرّق، ويعمّر ولا يدمّر". واعتبر البيان أن «العلماء ورجال الدين بوسعهم القيام بمبادرات لتشجيع الحلول السلمية في بعض المناطق التي تشكو من داء البغضاء وتنازع البقاء إذا وجدوا مكاناً أو صدوراً تتسع لتدخلهم. فهم لا يحملون سلاحاً بل سلامًا وكلاماً يطفئ الحرائق بالحكمة والكلمة الطيبة". وخلص المشاركون في أشغال المنتدى على مدى ثلاثة أيام إلى أن «للتربية والتعليم مكانة مركزية في ترسيخ القيم الإنسانية المشتركة التي يدعو إليها حلف الفضول الجديد. ومن ثم، فإن السعي إلى بث هذه القيم بين الناشئة والشباب ينبغي أن يكون من أولويات العمل المشترك بين الشخصيات والهيآت الداعية إلى حلف الفضول والمتعاونة معه". كما شدد البيان الختامي على أن «الإعلام، بمختلف أشكاله ووسائله، شريك لا غنى عنه في التوعية بمخاطر خطابات الانغلاق الهوياتي والكراهية وبحاجة البشرية إلى تفعيل القيم الإنسانية المشتركة. ومن ثم، فإن منتدى تعزيز السلم وشركاءه في حلف الفضول الجديد ينوهون بكل جهد أو مبادرة إعلامية تنسجم مع هذا التوجه وتحقق هذه الأهداف". وعرف حفل اختتام الملتقى الخامس لمنتدى تعزيز السلم في الإمارات تكريم عدد من الشخصيات والمفكرين والجامعيين وممثلين عن الديانات السماوية من مختلف دول العالم، ويوجد ضمن المكرَّمين الدكتور أمال جلال، رئيس جامعة القرويين بالمغرب.