يتوجه الناخبون الاسبان يوم 20 نونبر الجاري إلى مراكز الاقتراع لانتخاب ممثليهم في لاس كورتيس (البرلمان) وذلك في إطار الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها التي ستفرز نتائجها خريطة سياسية جديدة في إسبانيا. وفي إطار هذا الاستحقاق الهام سيتوجه يوم الأحد القادم أزيد من 35 مليون ناخب إسباني إلى صناديق الاقتراع لاختيار 350 من ممثليهم في مجلس النواب (الغرفة السفلى للبرلمان) و208 في مجلس الشيوخ (الغرفة العليا للبرلمان) بمناسبة الانتخابات التشريعية الحادية عشرة في تاريخ الديموقراطية في إسبانيا. ويرى العديد من المراقبين أن هذه الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها ستكون حاسمة في اتجاه مسلسل التحول السياسي في إسبانيا الذي انطلق في ماي الماضي خلال إجراء الانتخابات المحلية والجهوية تمكن خلالها الحزب الشعبي (اليميني) من تحقيق انتصار ساحق على حساب الحزب العمالي الاشتراكي الاسباني الحاكم. وحسب مختلف استطلاعات الرأي التي نشرت نتائجها مؤخرا فإن إسبانيا ستتجه إلى "اليمين" مع فوز الحزب الشعبي بزعامة ماريانو راخوي في الانتخابات المقبلة التي ستنهي عمر الحكومتين الاشتراكيتين المتعاقبتين (2004-2008 و2008-2011) بقيادة خوسي لويس رودريغيث ثاباتيرو. وقد كشف استطلاع للرأي أجراه المركز الاسباني للأبحاث السوسيولوجية ونشرت نتائجه خلال نفس اليوم الذي أطلقت فيه الحملة الانتخابية أن الحزب الشعبي سيفوز بالانتخابات ليوم 20 نونبر وسيحصل بالتالي على ما بين 190 و 195 مقعدا في البرلمان مقابل ما بين 116 و121 مقعدا لمنافسه الحزب الاشتراكي العمالي الاسباني. وتوقع محللون لصحيفة "إيل موندو" الاسبانية أن تعرف الخريطة السياسية الاسبانية يوم 20 نونبر الجاري تغييرا جذريا يتمثل في تراجع الحزب الاشتراكي العمالي وتحقيق الحزب الشعبي اليميني انتصارا غير مسبوق. وحسب العديد من المحللين السياسيين في إسبانيا فإنه في حالة تحقيق الحزب الشعبي هذا الانتصار الساحق في الانتخابات التشريعية القادمة بحصوله على 190 مقعدا في البرلمان فإن الحزب الشعبي المحافظ سيتمكن من تشكيل حكومة يمينية دون التحالف مع أحزاب أخرى. ويرى هؤلاء المحللون أن الاشتراكيين مقتنعون بأن المواطنين الاسبان لن يسلموا جميع السلط السياسية والمؤسساتية إلى الحزب الشعبي، موضحين أن "ذلك ليس في صالح الديموقراطية". كما يأمل الاشتراكيون بالحزب الاشتراكي العمالي الاسباني في تقليص الفارق الكبير في توقعات استطلاعات الرأي لنتائج هذه الانتخابات السابقة لأوانها بفضل الناخبين الذين لم يحسموا بعد في اختيار الحزب الذي سيصوتون لفائدته. وقد كشف استطلاع للرأي أنجزه المركز الاسباني للابحاث السوسيولوجية أن 7 ر67 في المائة من الناخبين متأكدون من اختيارهم في حين ما يزال 5 ر31 في المائة من الناخبين مترددين بشأن الحزب الذي سيصوتون عليه يوم 20 نونبر القادم. ما أكد نفس الاستطلاع أن هذه الانتخابات ستشهد نسبة عالية من مشاركة الناخبين الإسبان الذين سيضعون حدا لظاهرة الامتناع التي ميزت لسنوات الانتخابات التشريعية في إسبانيا. وكانت العديد من استطلاعات الرأي نشرت خلال الاشهر الماضية قد كشفت عن تقدم الحزب الشعبي المعارض على الحزب الاشتراكي العمالي الاسباني الحاكم بنسب بلغت أزيد من 13 نقطة. وأبرزت هذه الاستطلاعات الانخفاض المتواصل لعدد الناخبين المتعاطفين مع الحزب الاشتراكي العمالي الاسباني الحاكم بسبب اعتماد الحكومة الاشتراكية العديد من التدابير التقشفية الرامية إلى تخفيض العجز في الميزانية في محاولة للخروج من الأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة التي تواجهها إسبانيا منذ سنة 2008 . وكان الحزب الاشتراكي العمالي الاسباني قد مني ب"هزيمة تاريخية" خلال الانتخابات البلدية والجهوية التي جرت في شهر ماي الماضي بإسبانيا ترافقت مع فقدانه لعدد من معاقله التقليدية لفائدة الحزب الشعبي اليميني. وكان خوسي لويس رودريغيث ثاباتيرو الأمين العام للحزب الاشتراكي العمالي الاسباني الحاكم، قد عزا هذه "النتيجة السلبية" التي حصدها حزبه خلال الانتخابات البلدية والجهوية، وسط أجواء حركة احتجاجية واسعة للمطالبة ب"ديموقراطية حقيقية"، إلى الأزمة الاقتصادية التي تمر منها إسبانيا منذ سنة 2008، مذكرا بالتدابير التقشفية الصعبة التي اتخذتها الحكومة الاشتراكية من أجل التغلب على هذه الازمة وإنعاش الاقتصاد الوطني. وكان قد دعي 6ر34 مليون إسباني لانتخاب 8116 عمدة وأزيد من 68 ألف مستشار بلدي و824 مستشارا في البرلمانات الجهوية في 13 جهة ذات الحكم الذاتي من أصل 17. وقد جرت هذه الانتخابات البلدية والجهوية في ظل حركة احتجاجية واسعة شملت كبريات المدن في مختلف التراب الاسباني قبل أن تنتقل إلى عدد من العواصم الدولية للمطالبة ب"ديموقراطية حقيقية". وكانت شعبية الحزب الاشتراكي العمالي الاسباني قد شهدت تراجعا كبيرا بسبب الاجراءات التقشفية التي اتخذتها الحكومة الاشتراكية لمواجهة الازمة الاقتصادية الخانقة التي تعصف بالبلاد منذ سنة 2008 مما تسبب في ارتفاع معدلات البطالة بشكل مهول بعد أن اقتربت من خمسة ملايين عاطل بنسبة بلغت حوالي 21 في المائة من اليد العاملة فيما ارتفعت هذه النسبة في صفوف الشباب إلى حوالي 45 في المائة. وفي ظل هذه الوضعية الاقتصادية والاجتماعية تتواصل حاليا اعتصامات "حركة 15 ماي" التي تطالب ب"ديموقراطية حقيقية الآن" في إسبانيا في العديد من الساحات الرئيسية في كبريات المدن الاسبانية وانتقلت إلى عدد من العواصم الدولية. ويطالب المحتجون الذين تجمعوا في إطار "حركة 15 ماي" في إشارة إلى تاريخ المظاهرات العارمة التي شهدتها العديد من المدن الاسبانية يوم 15 ماي الماضي ب"الكرامة والضمير السياسي والاجتماعي" و ب"التجديد الديموقراطي".