فوج جديد من الملحقين القضائيين يُعزز محاكم المملكة بعد أيام قليلة، حيث ترأس وزير العدل، محمد أوجار، ومصطفى فارس، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ومحمد عبد النباوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، مساء اليوم الخميس بالمعهد العالي للقضاء بالرباط، حفل تخرج الفوج ال43 من الملحقين القضائيين. ووجه كبار المسؤولين القضائيين بالمملكة جملة من الرسائل إلى القضاة الجدد المرتقب أن يلتحقوا بمحاكم المغرب ابتداء من الاثنين المقبل، في فترة تدريب تطبيقية قبل مباشرة عملهم رسمياً في وظيفة القضاء بعد قضائهم ستة أشهر في مرحلة التكوين النظري. وقال وزير العدل، في كلمة بالمناسبة، إن هذا "الفوج محظوظ لأنه سيشرع مشواره في زمن صار فيه الاستقلال المؤسساتي للسلطة القضائية حقيقة قائمة"، مشيرا إلى أن "تكوينهم انصب أساسا على اكتساب مهارات الصنعة القضائية من خلال التركيز على المواد المرتبطة بالقضاء وإدارة الدعاوى وفن المرافعات، وتقنية البت في القضايا وتحرير الأحكام القضائية والمراسلات الإدارية، والتعامل مع شكاوى المواطنين وتظلماتهم". ولأول مرة، استفاد الملحقون القضائيون من دروس في اللغة الأمازيغية في إطار إعداد وزارة العدل تصورات واضحة ودقيقة بشأن تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، بالإضافة إلى استفادتهم من تكوين في مجال الرقمنة استعدادا لدخول المغرب عصر المحاكم الرقمية في أفق سنة 2022. وأورد المسؤول الحكومي أن "المحكمة الرقمية تعد ورشا استراتيجيا كبيرا ومهيكلا، يتطلب منا جميعا التعبئة لإنجاحه والانخراط بقوة لتنزيله"، وأضاف أن الوزارة تعوّل على هذا الجيل الجديد من القضاة لإحداث الثورة الرقمية في مشهد العدالة وحمل مشعل التحول الرقمي في المنظومة القضائية. ودعا أوجار قضاة المستقبل إلى "التحلي بمكارم وفضائل الأخلاق والتزام الوقار والانضباط والالتزام، والحرص على أن يعكسوا الصورة الحقيقية للشباب المغربي المحب لبلده، والتطلع دائما نحو الأفضل، والرفع لشعار الله الوطن الملك". بدوره، نصح الرئيس الأول لمحكمة النقض الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، مصطفى فارس، الملحقين القضائيين بأن يلتزموا خلال فترة التدريب بمجموعة من الضوابط التي ستساعدهم على "الانتقال السلس والتحول الهادئ الرزين الواعي من الشخصية الأولى في حالتها العادية، إلى شخصية القاضي بكل حمولاتها ودلالاتها وحقوقها وواجباتها". وقال فارس إن مهنة القضاء "موكول لها حماية حقوق الأفراد والجماعات وحرياتهم وضمان أمنهم القانوني، فهل هناك أعظم من حرية الناس وأمنهم؟ وهل هناك أخطر من ضمان الأمن الأسري والحفاظ على حرمته وسريته؟ وهل ثمة أصعب من ضمان الأمن التعاقدي والاستثماري والبيئي وغيره؟". وتابع المتحدث مخاطبا قضاة وقاضيات المملكة: "كل قيم المجتمع ومبادئه ومشاريعه وطموحاته ستكون أمانة على عاتقكم ومسؤولية بين أيديكم، وستؤدون قسما غليظا لأدائها بكل تجرد ونزاهة واستقلال". وزاد فارس أن مهمة القاضي "أضحت المهمة الأكثر صعوبة أمام التحديات العالمية الكبرى التي فرضتها عولمة الاقتصاد والثقافة والمفاهيم، وأصبحت تسائل العدالة وتطالبها بأجوبة موضوعية ناجعة وبسيطة في أسرع وقت وأقل كلفة". وفي الصدد ذاته، أكد محمد عبد النباوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، أن مهنة القاضي هي "مهنة خطيرة لأنها ليست في متناول كل من هب ودب"، لافتا إلى أن "العمل القضائي يتطلب أخلاقا عالية جدا والثقة في النفس والتكوين ومتابعة مستجدات القوانين والاجتهادات القضائية". ودعا عبد النباوي الخريجين الجدد إلى الابتعاد عن الأماكن المشبوهة والتضحية بالأمور التي يقبل عليها الشباب في سنهم، موردا أن "المواطن ينظر إلى القاضي نظرة زاهدة لأن كلمة القاضي تحيلنا على مفهوم ديني وترمز إلى الرجل الصالح والمرأة الصالحة". وفي نهاية الحفل، أشرف المسؤولون القضائيون على توزيع حواسيب محمولة على الفوج 43 من الملحقين القضائيين من أجل مساعدتهم على الدخول في عالم المحاكم الرقمية.