أصدر المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية تقريره السادس الذي يرصد تموقع المغرب على المستوى العالمي في مجالات السياسات العمومية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، من خلال فحص 187 مؤشراً استراتيجياً يغطي عشر مجالات رئيسية لليقظة الاستراتيجية. وتشكل اليقظة الاستراتيجية إحدى المهام الأساسية للمعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية، وتتمثل هذه المهمة في جمع وتحليل المعلومات والمعطيات العمومية في هذه المجالات على الصعيد الوطني والدولي والعالمي لتوفير معلومات هامة وموثوق بها تكون أساسية في اتخاذ القرار الاستراتيجي. ففي مجال ضمان الاستقلالية في الموارد الاستراتيجية، سجل المغرب تقييماً سلبياً بسبب تبعيته في مجالات الأغذية والطاقة ووضعية التنوع البيولوجي وتوفر الموارد المائية، فيما سجل أداءً جيداً في حكامة الموارد الطبيعية والهواء. أما في مجال حماية الوحدة الترابية وتعزيز القدرة على مواجهة التهديدات العابرة للحدود، فكان تقييم المغرب متوسطاً، وأبلى بلاء حسنا فيما يخص الأمن الداخلي ومواجهة الإرهاب. وسجل المغرب تقييماً إيجابياً في مجال تنمية الرأسمال الاجتماعي بتحقيقه تقدماً في التنمية البشرية، لكن كان الأداء سلبياً في الرأسمال البشري وجودة النظام التعليمي والخدمات الصحية الأساسية بناءً على نسبة ما تنفقه الدولة على هذا القطاع، إضافة إلى نسبة تغطية السكان. أما في مجال تحسين نظام الحكامة والمواءمة مع المعايير الدولية، فسجل المغرب أداءً جيداً في معيار الديمقراطية ودولة الحق والحكامة العمومية والخاصة والحريات العامة، لكنه حاز أداءً سلبياً في حرية الصحافة، كما كان الأداء جيداً في مجال مواجهة التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية. ووقف المعهد الملكي للدارسات الاستراتيجية على أداء سلبي للمغرب في مجال المساواة بين الجنسين وآفاق الشباب والثقة في المؤسسات المنتخبة، فيما سجل استقراراً في مؤشر الروابط مع الوطن وأهمية الأسرة والدين في الحياة الشخصية للأفراد والتكافل التقليدي بين الناس. واعتمد المعهد في دراسة هذه المؤشرات على معطيات المؤسسات الوطنية، مثل المندوبية السامية للتخطيط، والقطاعات الحكومية، ومكتب الصرف، إضافة إلى المؤسسات الدولية، وخاصة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة الزراعة والأغذية، كما استعان ببرمجية خاصة بالمعطيات الإحصائية تسمى "Business Object". وبالإضافة إلى مهمة اليقظة، فالمعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية بمثابة فضاء للتفكير لدراسة القضايا الاستراتيجية ذات التأثير القوي على مستقبل البلاد، ويسعى إلى فهم تطورات السياق العالمي والإقليمي والوطني واستباق المخاطر والرافعات التي تتضمنها بالنسبة للمغرب، ثم اقتراح سياسات عمومية متجددة ملائمة لتلك الرهانات.