طوفان بشري في مسيرة غضب سوس الكبير بمدينة الدارالبيضاء، زوال اليوم الأحد، من أجل التنديد بصوت واحد برفض الساكنة للمراعي وتجريد المواطنين من أراضيهم، حيث طالب المحتجون بوضع حد لحالة "التسيب" التي يفرضها الرعاة الرحل الذين يعبثون بأراضي السكان. وتقاطر عشرات الآلاف من المواطنين الأمازيغ، حسب إحصائيات اللجنة المنظمة، على ساحة الأممالمتحدة بالعاصمة الاقتصادية، منذ الساعات الأولى من صباح اليوم، إذ توحدت مختلف فئات الأمازيغ؛ الذين جاؤوا من كل حدب وصوب، بغية إيصال صوتهم إلى السلطات الرسمية بالرباط، بعدما تم "تجريد الساكنة من أراضيها ونهب ثرواتها الطبيعية". وفي هذا الصدد، قال أحمد الدغرني، مؤسس الحزب الديمقراطي الأمازيغي المحظور، إن "مشاركتي في المسيرة تأتي في سياق الاحتفال بيوم الأرض، الذي يحتفل به سكان المغرب، أو ما يعرف في الثقافة الأمازيغية ب"أسن واكال"؛ فالمسيرة تعبير عن غضب كل من ضاع له حقه من الأرض أو اعتدي عليه بسبب الخنزير البري، أو انتزعت منه أرضه كيفما كانت؛ سواء تعلق الأمر بالأراضي السلالية أو أراضي الجماعات وغيرها". وأضاف الدغرني، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "كل من يروّج لفكرة اقتصار المسيرة الشعبية على الأمازيغ فقط، فهم يروجون للمغالطات، لأنها مسيرة الشعب والمغاربة قاطبة، باعتبارها تمس أساسا الأشخاص الذين ضاعت لهم حقوقهم، فإذا جاءت المبادرة من الأمازيغ فإنها تعبير عن التشبث بالأرض ومحاربة الظلم وتحقيق المساواة". وأردف الفاعل السياسي: "لا نقصي أحدا ولا نطرد العرب أيضا، فهي مجرد كذبة، لأن المغرب بلد مشترك بين الناطقين بالعربية والأمازيغ. وبالتالي، فإن المسيرة تأتي من أجل إرجاع الحقوق إلى أصحابها، فعوض أن يتألم الشخص لوحده من الأفضل أن يتألم مع بقية السكان في الدارالبيضاء، بوصفها عاصمة الحقوق والمساواة". وتزيّنت مختلف شوارع وأحياء العاصمة الاقتصادية بالأعلام الأمازيغية، بحيث رفرفت الرايات التي تحمل ألوان الأزرق والأخضر والأصفر في كافة أرجاء المدينة، بما يمثله هذا العلم من رمزية للمواطنين الأمازيغ. كما أغلقت جميع المحلات التجارية التي يسيّرها أهل سوس الكبير، وانضمت إلى المسيرة الحاشدة التي عرفت حضورا منقطع النظير، إذ لم تقتصر المشاركة على ساكنة سوس فقط، وإنما حجّ إلى ساحة الأممالمتحدة سكان الجنوب الشرقي، الذين لم يفوتوا الفرصة للتعبير عن غضبهم الشديد من "سياسات التهجير المتعمدة من قبل الدولة ضد الساكنة". من جهته، أوضح عبد الله بوشطارت، فاعل حقوقي بمنطقة سوس، أن "المسيرة الوطنية نتيجة لخلل كبير يوجد بالمغرب، مرده إلى الخلل السياسي التاريخي، الذي نشأ عن التعاقد السياسي الذي وقع بين الحركة الوطنية والمخزن وفرنسا سنة 1944؛ الأمر الذي ترتب عنه مشاكل كثيرة متعلقة بالأرض، في مقدمتها نزع الملكية، لأن القوانين التي تنزع بها الدولة أراضي الساكنة هي قوانين استعمارية بالأساس". وشدد بوشطارت، في حديث مع هسبريس، على أن "إيمازيغن من المفروض عليهم اليوم أن يخرجوا إلى الساحات العمومية للترافع عن قضيتهم، بعدما وصلت سياسة نزع الأراضي إلى مستويات لا تطاق، بحيث أصبحنا نتحدث عن سياسة الرعي التي نتج عنها الاستثمار في الماشية، وبالتالي باتت مناطق سوس وباقي المناطق الجبلية تعاني جراء سياسة نزع الأراضي، بسبب المشكل التاريخي الذي له امتدادات سياسية. لذلك، فإن إيمازيغن في حاجة إلى تعاقد سياسي مع الدولة، مبني على احترام حرية الأرض وكرامة الإنسان الأمازيغي". ورفع المحتجون عشرات الشعارات، التي نددت ب"إغراق مناطق سوس بالخنزير البري والزواحف السامة أو بتلويث مجالها البيئي، عبر إنشاء مناجم تعمل دون دفاتر تحملات تضمن احترام البيئة والساكنة". ومن بين هذه الشعارات نذكر: "هذا عيب هذا عار.. أرض سوس في خطر"، "أفوس غوفوس تنكرا.. إزرفان ولابدا"، "وا المخزن بوتيلاس.. بركا من تكركاس"، "الحقوق ستعود بالنضال والصمود". وفي هذا السياق، قال خالد بيكو، عضو تنسيقية "أكال للدفاع عن حق الساكنة في الأرض والثروة"، إن "مطالبنا واضحة وقانونية ودستورية. نتمنى أن تلقى الآذان الصاغية من قبل مؤسسات الدولة، بحيث نطالب بإسقاط ظهائر المستعمر التي ما زالت تحكمنا إلى اليوم،لأنها سلبتنا أراضينا وأراضي أجدادنا دون حق. كما نطالب بإلغاء قانون الرعي الذي لا نتفق معه جملة وتفضيلا، بالإضافة إلى أننا نحمل جميع مؤسسات الدولة كامل مسؤوليتها، فيما يتعرض له الناس بسوس والشرق وأسامر من إهانات متكررة". وزاد المتحدث: "تغتصب بناتنا، كما تعتدي عصابات البوليساريو وعصابات الرعي غير القانونية على آبائنا الذين نتركهم في بلادنا، لذلك ندعو وزارة الداخلية ومختلف مؤسسات الدولة إلى التدخل السريع في الموضوع، باعتبار أن الساكنة من حقها الاستفادة من ثرواتها الطبيعية، فضلا عن ضرورة رفع الضرر عن السكان الذي يتعرضون لهجمات الخنزير البري".