بدأ عبد القادر الشاوي تجربته الأدبية بخواطر شعرية، قبل أن يجد نفسه على موعد مع توقف اضطراري وراء قضبان مغربِ سنواتِ الجمر والرّصاص، الذي أخذ منه بيد شبابَه وحريَّتَهُ، وناوله بأخرى تجربة كان أوّل من خاضها أدبيا. في هذا الحوار، الذي تمّ على عجل على هامش تقديم عبد القادر الشاوي روايَتَه الجديدة "بستان السيّدة"، يتحدّثُ الروائي المغربي عن الرواية المغربية، وموضوعاتها، وتجربة السجن التي ظلّت خلفيَّةَ الكثير مما يكتبه. ما موضوع روايتك الجديدة "بستان السيدة"؟ تحكي هذه الرواية قصة علاقة ملتبسة بين شخصيتين، رجل وامرأة، ولكن هذه العلاقة لا تتحقّق في الواقع، وهي علاقة تراسليّة عبر البريد الإلكتروني من مكانين مختلفين هما مدريد وباريس، وتحيط بالأَهواء والعواطف والتجارب الشخصية لكل واحد منهما، وتنتهي بالنسبة للشخصية الأنثوية بالانتحار. هل ماتزال الرواية المغربية تحاول أن تحقّق تراكما؟ الرواية المغربية ما تزال تحاول تحقيق تراكم لأسباب تاريخية، وثقافية، ومن الممكن أن تكون أيضا سياسية، وهذا معناه أن التاريخ الحديث للرواية المغربية لم يتأسّس بعد تأسيسا تاما، حتى لا نقول تأسيسا نهائيا، وما يزال يبحث لنفسه عن موضوعات، وعن أسلوب، وعن مسار، من خلال تجارب الكتاب الذين يكتبون الرواية، وأظن أن التجربة الآن حققت تراكما لا بأس به. بالنسبة لمواضيع الرواية المغربية، هل يمكن حصرها؟ موضوعات الرواية لا يمكن التحكّم فيها ولا الحديث عنها بشكل حصري؛ لأن كل روائي يختار موضوعَهُ انطلاقا من التجربة التي يفترض أنها هي التجربة التي ستصبح تجربة محكية. في كثير من الروايات المغربية هناك من يتناول التاريخ، وهناك من يتناول المجتمع، وهناك من يتناول السياق الثقافي، وهناك من يتناول التجارب الفردية الذاتية، وغيرها؛ فهناك تجارب مختلفة، وكلّها أساليب وطرائق في الكتابة والبحث. بدأتْ تجربَتُك في النشر في العشرينات من عمرك واستمرت في السجن؟ هذا صحيح، بدأت النشر في سنة 68، في الفترة التي دخلت فيها إلى كلية الآداب لدراسة الفلسفة، وبقيت سائرا على نفس المنوال. ورغم أني لستُ مُكثرا فلم تشغلني عن الكتابة لا الديبلوماسية، ولا السجن، ولا الحياة؛ فأكتب عندما يعِنّ لي ذلك، وقد نشرت إلى حد الآن 25 أو 26 مؤلّفا بين رواية ودراسة فكرية وأدبية ونقدية، إلى آخره. ألا ترى أن في تجربتك الروائية محاولة للتحرّر من ذكرى السجن؟ لا، أنا لا أكتب عن السجن. من الممكن أن تكون كتابتي عن ذات في انشغالها بالعالم الواقعي الخارجي، الاجتماعي والسياسي والفكري والتربوي وغيره، وهذا الارتباط يبدو في الكثير من التجارب وليس في تجربتي وحدها، وهو ارتباط أساسي لأنه يقوم على التفاعل. وبما أنني أتفاعل مع الأوضاع القائمة، فأنا لا أكتب حصرا عن السجن، وإن كان السّجن خلفية للكثير من الأشياء التي أكتُبُها لأنه مرتَعُ الشباب، فقد دخلته وفي عمري 22 سنة، وخرجت منه وفي عمري تقريبا 40 سنة.