"لنكسر حاجز الصمت! لا تغلقوا أعينكم!"، عبارة تنضح غضبا اختارتها هيئة الأممالمتحدة للمرأة شعارا لحملة مناهضة العنف ضد النساء والفتيات، التي انطلقت اليوم السبت في مختلف دول المعمور، وتستمر طيلة ستة عشر يوما. الموقع التاريخي "باب شالة" في الرباط كان، اليوم السبت، قِبلة لمئات النساء والفتيات، أغلبهن كنّ في لحظة من لحظات حياتهن ضحايا للعنف الممارس ضد النساء والفتيات في المغرب، والذي تشير التقارير الرسمية إلى استفحاله. وحسب نتائج آخر بحث وطني حول انتشار العنف ضد النساء، أنجزته المندوبية السامية للتخطيط سنة 2009، فإن 55 في المائة من النساء المغربيات المتزوجات كنّ ضحيةَ لشكل واحد على الأقل من أنواع العنف في الفضاء الزوجي. ليلى الرحيوي، ممثلة منظمة الأمم المحتدة للمرأة في المغرب، قالت في تصريح لهسبريس إن الهدف من الحملة العالمية لمناهضة العنف ضد النساء "هو أن نقول للعالم إن ظاهرة العنف ضد النساء خطيرة ولا ينبغي السكوت عنها". وأضافت الرحيوي أن الغاية من تنظيم الحملة العالمية لمناهضة العنف ضد النساء هو الاستماع إلى ضحايا هذا النوع من العنف، من أجل تشجيع النساء على البوح وعدم السكوت عن العنف الذي يطالهن من طرف الرجال، وأردفت: "ما دامت النساء يسكُتن عن العنف فلا يمكن أبدا أن نقضي عليه. وإذا استطعنا أن نُقنع النساء بالحديث فهذا يعني أنه ستكون لهن القدرة على التوجه إلى مراكز الشرطة، والمحاكم، بينما الصمت لا يسعفهن في نيل حقهن". من جهته قال فيليب بوانسو، ممثل برنامج الأممالمتحدة الإنمائي بالمغرب، إن "على النساء والفتيات ضحايا العنف أن يُوقفن الأشخاص الذين يعنفونهن عند حدهم، وأن يكتسبن القدرة على قول لا للعنف المسلط عليهن، وأن يحرّرن صوتهن من أجل مواجهة المعنّفين". واعتبر بوانسو في تصريح لهسبريس أن العنف ضد النساء هو شأن يهم الجميع، نساء وفتيات، كما الرجال الذين يصدر عنهم العنف، داعيا إلى دعم النساء ضحايا العنف من أجل التعبير عمّا يتعرضن له، سواء من طرف شركائهن أو في أماكن العمل أو في الشارع. التظاهرة التحسيسية التي نظمتها هيئة الأممالمتحدة بشراكة مع عدد من الجمعيات المدافعة عن حقوق النساء في المغرب تخللتها عروض حاكَتْ فيها نساء معاناة المرأة مع كل أشكال العنف الذي يطالها، سواء في البيت أو الشارع. نجاة إيخيش، رئيسة مؤسسة "يطو" لإيواء وتأهيل النساء ضحايا العنف، شدّدت في تصريح لهسبريس على أهمية القانون في مكافحة العنف ضد النساء، مؤكدة أن النصوص القانونية يجب أن تتّسم بالوضوح، وألا تكون قابلة للتأويل من طرف أي كان، وأن يكون هناك تشديد في مساطر وإجراءات تنفيذها. في هذا الإطار أشارت نجاة إيخيش إلى تزويج القاصرات، الذي يُعد واحدا من أشكال العنف ضد الفتيات، قائلة: "القانون حدّد 18 سنة كحدّ أدنى للزواج، لكن نظرا لأن هناك استثناء في الفصلين 20 و21 من مدونة الأسرة، أصبح الاستثناء قاعدة، بسبب سادة العقلية المحافظة والتحايل على القانون". وأضافت المتحدثة ذاتها أن العنف ضد النساء لا يتجلى فقط في الاعتداء الجسدي، "بل في السب والشتم وتزويج القاصرات والإهانة والتحرش الجنسي"، داعية إلى تحديد مفهوم العنف في النص القانوني من أجل حماية النساء والفتيات من التعرض لأي شكل من أشكاله. وشارك إلى جانب النساء والفتيات والرجال المغاربة، مواطنون أجانب، من القارة الإفريقية وأوروبا، في إطلاق الحملة العالمية لمناهضة العنف ضد النساء، والتي تتمّ أيضا عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحت وسْم "#16_ يوما_لمناهضة_العنف". ورغم أن العنف ضد النساء والفتيات منتشر على نطاق واسع في مختلف بلدان العالم، فإن جون بول كافاليري، ممثل المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالمغرب، قال إنه يجب تفادي تعميم الاعتقاد بأن النساء هن دائما ضحايا عنف الرجال، موضحا أن النساء هن أيضا ضحايا الثقافة والمجتمع والدولة والقوانين. وأضاف المتحدث ذاته في تصريح لهسبريس أن العنف الممارس ضد النساء متنوع، ما يتطلب أن تأخذ المقاربات المعتمدة للحد من هذا العنف تنوّعه، من أجل ضمان حماية أمثل للنساء، وتمتيعهن بحقوقهن. ونوّه المسؤول الأممي بقانون مناهضة العنف ضد النساء الذي اعتمده المغرب قبل أسابيع، والذي رغم أنه وُوجه بانتقادات كثيرة من طرف الجمعيات المدافعة عن حقوق النساء فإنه يرى أنه "يشرّف المغرب".