لا نملك إلا الأمل.. والأمل إرادة وعزم.. طاقة.. ومحرك.. وبالأمل، مع العمل والإصرار، نستطيع القفز على الحواجز.. والوقوف.. والنهضة من كبوتنا.. واستيعاب أن تجاوز المستحيل، أمر ممكن، وأن لا مستحيل في طريقنا، حتى وبلادنا ليست في أحسن حال.. - دوام الحال من المحال.. وعرقلتنا الكبرى اسمها: الفساد.. الفساد يقطع علينا كل الطرق إلى النهضة الوطنية المطلوبة.. ونحن نتظاهر باقتصاد متقدم: عمارات.. ناطحات.. طرق سيارة.. قناطر.. وبقية مظاهر التقدم والثروة.. وهذه أشبه ما تكون بشجرة تخفي غابة من الفقر والجهل واللامعقول واللاعدالة... وفوارقنا الاجتماعية بلا حدود.. والرشاوى تستفحل أكثر فأكثر.. ولا تتوقف عن تمييع التجارة، وتشويه الاستثمار.. الرشوة تقلب النمو الوطني، وتزيد في أحجام ديوننا الداخلية والخارجية.. واضطراباتنا المادية والنفسية لا تتوقف.. - الكبير يأكل الصغير! واستغلال النفوذ يبتلع الاستقرار، في كل الاتجاهات.. والقانون ليس فوق الجميع.. ونصوص لا يتم تنفيذها، تحت أضواء التساوي.. والجرائم والاعتداءات تتسع مداراتها.. وقد أصبحنا نعيش في فضاءات من اللاأمن واللاأمان.. انفلاتات تشل مؤسساتنا، وتجعلها شبه عاجزة على تطويق "الفوضى"، ومواجهة الترامي على حقوق الناس.. و"الكبار" يستغلون النفوذ.. وينهبون المال العام، وكل ما تصل إليه أيديهم.. - وحكومتنا ضعيفة.. وفي سبات عميق.. تطغى عليها المزاجية.. والعقدة الحزبية والريعية والانتخابية.. هي بدون رؤية استراتيجية.. ولا سياسة اجتماعية.. عاجزة عن ضبط الوضع العام، ومواجهة "قانون الغاب".. وما زال القوي "يفترس" الضعيف.. وسلطات الحكومة قلما تتدخل.. على العموم، هي في مكانها.. متفرجة! والنتيجة: انتقال "الحقوق" من القانون إلى العضلات والنفوذ.. وهذا يشكل خطرا على بلادنا.. والحكومة لا تتدخل.. تتظاهر بعدالة غير موجودة! وهذا الواقع يشكل تدهورا سلوكيا لمسؤوليات عاجزة عن ضبط ما يستوجب الضبط.. - والأخلاق العمومية تنهار أكثر فأكثر! والأخلاق الخاصة شبه مشلولة.. والأسرة نفسها تعاني الأمرين.. وفي مجتمعنا ظواهر لم يسبق لها مثيل.. نساء يبعن أطفالهن.. آباء يطردون بناتهم من المنزل.. أمهات تتعرضن لاعتداءات من أبنائهن.. وعجزة يتمددون على الأرصفة، بلا حماية، ولا رعاية، ولا تغذية، ولا أغطية، ولا دواء.. وأطفال في جنبات شوارع النهار والليل.. وفي المقابل، أثرياء من العيار العالمي يأكلون أرزاق الفقراء، فيزيدون في تعميق الاحتياج العمومي، وفي تردي الأخلاق، واستفحال مظاهر الإفساد.. - كل يبحث لنفسه عن مخرج.. ولا قدوة بيننا.. لا المؤسسات قدوة.. لا الأسرة قدوة.. ولا تعليم ينشر العقل والوعي والإبداع.. التعليم قد خربته السياسة العمومية.. - الحكومة خارج "التغطية"! أصبحنا لا نتجدد.. ولا نتغير.. ولا نتقدم إلا من زوايا شكلية.. في المظاهر، يقال إننا متقدمون، وفي العمق نحن في واقع معاكس.. لا نتطور.. ومن لا يتطور، هو يتقهقر.. يدمر نفسه بنفسه.. وينحر نفسه بنفسه.. هو ذا "الانتحار" الخاص والعام.. وهذه حالنا.. مهددون على طول.. وفي حالة عدم استقرار.. وبين كماشة استبداد.. والقلق والغضب والسخط.. التوتر من الصباح إلى المساء. ومن المساء إلى الصباح.. ومن عام إلى عام.. وبيئتنا قد أنتجت أجيالا متنوعة، منها ما هو ضائع، وأخرى تتكون من رعاة لأشكال وألوان من الفساد.. ورعاة لإقصاء الغير.. وللكراهية.. ورفض الآخر.. - والأنانية المفرطة.. وحكومتنا كثيرة اللغط.. تتكلم كثيرا.. هي قوالة غير فعالة.. والكلام يناقضه السلوك.. وفي سلوكها مساندة مطلقة لشبكات كبار اللصوص.. ولا شفافية! حتى البرلمان لا يعرف ما تخطط له الحكومة.. ولا الحكومة نفسها تعرف أية قرارات سوف تنزل عليها من السحاب، في وقت لاحق.. ولا أحد يحاسب كبار الخارجين عن القانون.. ولا وجود في أدبيات الحكومة احترام لمطالب المجتمع.. لا مساءلة! ولا قوة مضادة للفساد! ولا رأي عام مؤهل لمعارضة سوء التدبير.. ولا حتى معارضة سياسية! والأحوال بقتامتها ما زالت كما كانت، جاثمة بأحلامها في ماض سحيق.. كأن الزمن لا يتحرك.. لا يزيد إلى أمام.. والمسؤوليات بلا مراقبة.. وعلى العموم هي مزاجية.. كل رئيس مؤسسة، وكل مدير، يفعل ما يريد.. ولا يعير اعتبارا لضرورة الإصلاح، وضرورة تغيير المسار.. ومكافحة الفساد.. كل مسؤول يحسب أن الفساد لا وجود له إلا عند غيره.. تماما مثل حوادث السير، يعتقد البعض أنها لا تقع إلا للغير.. وكل مسؤول يحسب نفسه فوق المحاسبة! والسلطات متداخلة، وكل منها لا يعرف حدود المؤسسة المجاورة.. وفي أجواء تداخل السلطات، يستحيل الحديث عن "دولة مؤسسات"! والمؤسسات تتراشق بالمسؤوليات.. كل منها تلقي باللائمة على غيرها.. وكأنها هي وحدها بريئة من سوء التسيير.. وبريئة من الفساد.. وهذا ينتج الهشاشة داخل السلطة المركزية، ويقوي الجشع لدى النخبة الاقتصادية، والاستبداد لدى "النخبة السياسية"... - وتكبر هشاشة الحكومة! وتختفي الحكامة! وتبقى الديمقراطية مفهوما صوريا... وتدور البلاد في مداراتها السابقة... تحوم حول نفسها.. وتجنح إلى الماضي.. تبحث في ماض قد فات ومات، عما قد ينقذ من انزلاقات الحاضر.. والماضي لا يعود.. وإذا كانت من حلول، فهذه يجب ابتكارها في الحاضر، داخل الحاضر، لا من "تراث ماضوي" قد انتهى.. وعلينا برؤية مستقبلية آنية، مستعجلة، قوامها حل مشاكل البلد، على أساس: - الضمير وكرامة الإنسان! [email protected]