رغم الصمت الجزائري، رئاسة وأحزابا، تجاه الدعوة الملكية لتصحيح مسار العلاقات بين المغرب والجزائر، فإن التفاعل الدولي مع المبادرة ما يزال متواصلا. وفي هذا الإطار قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن "تحسين العلاقات بين الجزائر والمغرب من شأنه أن يسمح للبلدين بالتصدي للقضايا الثنائية والإقليمية المشتركة، من قبيل الإرهاب والهجرة غير القانونية وتهريب المخدرات والاندماج الاقتصادي". وأضافت الخارجية الأمريكية أن "حكومة الولاياتالمتحدة تحث الجزائر والمغرب على الإقرار بأن تحسين العلاقات سيسمح لكلا البلدين بالانكباب على القضايا الثنائية والإقليمية المشتركة، مثل الإرهاب والهجرة غير القانونية والاتجار بالمخدرات والاندماج الاقتصادي، خصوصا في ظل الواقع المتشابك الذي باتت تفرضه التحديات الإقليمية". وانتقلت الأحزاب السياسية المغربية من جهتها إلى السرعة القصوى من أجل تدعيم المقترح المغربي؛ فبعد قرار حزب العدالة والتنمية التواصل مع الأحزاب ذات التوجه الإسلامي في "بلد المليون شهيد"، قرر حزب التقدم والاشتراكية بدوره التفاعل مع الأحزاب الجزائرية اليسارية من أجل "إيجاد الحلول لكافة القضايا الخلافية وغير الخلافية المطروحة في العلاقات الثنائية بين البلدين". وفي هذا الصدد، قال محمد الزهراوي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض، إن "الموقف الأمريكي بخصوص تشجيع الانخراط في علاقة جديدة بين المغرب والجزائر يتضمن مستويين؛ أولهما أن الدعوة الملكية جاءت في سياق خاص وتكتنز قراءة استباقية لما يقع في منطقة الشرق الأوسط من مشاريع التجزئة والتقسيم". وأضاف الزهراوي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "هناك سياقا دوليا محفوفا بالمخاطر؛ فالعديد من التحولات تنذر بتغيير وصناعة خرائط جديدة، والمنطقة المغاربية بدورها تعيش على وقع مجموعة من التحديات، من بينها ليبيا التي تمر من مرحلة دولة هشة، وتونس التي تعيش وضعا صعبا، فيما ينتشر الإرهاب والمخدرات في الساحل وجنوب الصحراء". وأردف الأستاذ الجامعي أن "الجزائر بدورها تعيش وضعا استثنائيا؛ فقد عرفت خلال الشهور الماضية سلسلة من الإقالات في صفوف الجيش، وانتقلت إلى السياسيين، خاصة أعضاء الحزب الحاكم المتحالف مع العسكر؛ إذ تم إجبار رئيس البرلمان الجزائري على الاستقالة"، مبرزا أن الدعوة الملكية "تأتي كذلك لإيقاف اللعب بورقة المغرب من طرف العسكر الجزائري في ظل وضعهم المتأزم على المستوى الداخلي". وأشار المتحدث إلى أن "أمريكا تحاول، كباقي الدول، التفاعل مع التقارب لأنه يخدم مصالحها نظرا للملفات العالقة في إفريقيا جنوب الصحراء، وفي مقدمتها انتشار تيارات إرهابية متطرفة"، وزاد: "أمريكا تدرك جيدا ما وقع في ليبيا ومستوعبة أن الوضع وصل إلى درجة الخطورة التي تستوجب التنسيق بين البلدين؛ فالمنطقة أصبحت تتجه نحو المجهول".