أكد الباحث المصري المختص في العلاقات الدولية والشؤون العربية، أحمد سيد أحمد، أن دعوة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، لفتح حوار صريح ومباشر مع الجزائر وإرساء آلية تشاورية بين البلدين، "خطوة مهمة وجريئة، وفرصة مواتية في اتجاه تطويق ومواجهة التحديات المشتركة التي تحذق بالبلدين وبالمنطقة المغاربية". وثمن أحمد سيد أحمد في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، الخطوة الملكية واعتبرها "فرصة سانحة لكسر الجمود بين البلدين وتجاوز القضايا الخلافية العالقة، والوضع غير المقبول وغير المفهوم الذي توجد عليه العلاقات بين البلدين الجارين منذ عدة سنوات".
وتابع أن تحديات الإرهاب والهجرة غير الشرعية والاتجار في المخدرات تحتم على البلدين تعزيز التعاون وتنسيق المواقق للتصدي لهذه القضايا التي تهدد أمن واستقرار المنطقة برمتها.
وقال "إن طرح العاهل المغربي لهذه الألية نحو الحوار مع الجزائر تكتسي أهمية كبيرة لأنها تأتي في سياق إقليمي صعب ومعقد يتسم بانتشار العنف بكل مظاهره وتطبعه الأزمات التي تعيشها العديد من الدول العربية"، لافتا إلى أن هذه الوضعية لها تداعيات سلبية على النظام الإقليمي العربي بشكل عام.
وأكد أحمد سيد أحمد أن تصاعد خطر الإرهاب المتمثل في صعود التنظيمات المتطرفة في منطقة الساحل والصحراء، وعودة المقاتلين من بؤر التوتر بكل من سوريا والعراق وليبيا، يشكل "خطرا حقيقيا على أمن الحدود وعلى الاستقرار في المنطقة وهو ما يحتم على المغرب والجزائر التعاون والتنسيق لمواجهة هذا الخطر المتصاعد فى ظل الحدود الطويلة للبلدين والتي تتطلب تنسيقا أمنيا عاليا للسيطرة عليها ومنع تسلل الإرهابيين". وأشار إلى أن البلدين الجارين يواجهان تحديات مشتركة أبرزها مشكلة الهجرة غير الشرعية بفعل تزايد عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين يعبرون الدولتين لبلوغ الضفة الشمالية من المتوسط، مع ما يفرضه هذا الوضع من ضرورة التنسيق والتعاون الثنائي.
واعتبر الباحث المصري أن "المبادرة المغربية تشكل خطوة مهمة فى اتجاه كسر حالة الجمود في العلاقات بين البلدين وهو الوضع الذي انعكس سلبا على واقع اتحاد المغرب العربي وأعاق كل فرص التنمية والتكامل والاندماج بين الدول المغاربية".
ولذلك ، يضيف المتحدث، "فإن تفعيل آلية الحوار التي اقترحها العاهل المغربي، ستمكن من طرح القضايا الثنائية العالقة على الطاولة بشفافية ومسؤولية، وبحث تعزيز التعاون الثنائي في شتى المجالات، بالإضافة إلى إتاحة الفرصة للتنسيق والتشاور بشأن عدد من القضايا الكبرى المطروحة كالإرهاب والهجرة.
وأوضح أن المبادرة الملكية تنم عن "رؤية استشرافية" تهدف لتفعيل التعاون والتنسيق بين البلدين على مختلف المستويات الاقتصادية والأمنية والتعاون والتنسيق فى قضايا الهجرة والمهاجرين، مع العمل في نفس الوقت على حل القضايا العالقة عبر الحوار المباشر دون وسيط.
وشدد سيد أحمد على أنه من شأن قبول الجزائر بهذا المقترح إعادة الدفء والروح مرة أخرى إلى العلاقات المغربية الجزائرية وحلحلة الجمود والركود الذي يعرفه البناء المغاربي، مسجلا أن القواسم المشتركة بين البلدين والروابط الاقتصادية والاجتماعية "أكبر بكثير من عوامل التفرقة والابتعاد".
وخلص الباحث المصري إلى أن نجاح هذه المبادرة "رهين بشكل كبير برد الفعل ونمط الاستجابة الجزائرية، ومدى الانخراط الجزائري في ترجمة هذه الألية إلى خطوات عملية على أرض الواقع"، مبينا أن نجاح آلية الحوار وتطبيع العلاقات بين البلدين وحل القضايا العالقة يتوقف على توافر الإرادة السياسية لدى الجزائر ولاشك أن التحديات الحالية المشتركة التي تواجه البلدين والظروف والمتغيرات الإقليمية والدولية تدفع في اتجاه أهمية وضرورة الحوار".