فشل سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، في إحياء مفاوضات الحوار الاجتماعي منذ انسحاب بعض ممثلي النقابات الأكثر تمثيلية من الاجتماع الحكومي الأخير، إذ لم تعقد بعد اللجنة التقنية المشتركة بين الحكومة والمركزيات النقابية أي لقاء أولي. وأوضحت مصادر نقابية أن اللجنة التقنية التي تعكف على دراسة مقترحات العرض الحكومي لم توجه أي استدعاء للمركزيات النقابية إلى حدود الساعة، مستبعدة وجود تقارب بين الطرفين في المستقبل، "لاسيما بعدما عبّرت الحكومة عن رفضها لمطلب الزيادة في الأجور، مكتفية بعرضها الهزيل الذي لا يرقى إلى طموحات الشغيلة المغربية". وأكدت المصادر ذاتها أن "النقابات الأكثر تمثيلية متشبثة بالزيادة في الأجور وتحسين أوضاع العمّال الذين يكتوون بلهيب ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل يومي، في ظل جمود الأجور وعدم الرفع منذ سنة 2011"، مبرزة أن استئناف مفاوضات الحوار الاجتماعي رهين بوجود إرادة سياسية لدى الحكومة من أجل رفع الاحتقان الاجتماعي الذي يهدد الأمن المجتمعي للمملكة. وعملت الحكومة على تأسيس لجنة تقنية مشتركة بينها وبين النقابات الأكثر تمثيلية، يتجلى دورها الأساسي في تجميع مقترحات الفاعلين النقابيين بخصوص العرض الحكومي. وفي حالة وجود توافق بين الطرفين معا فإن اللجنة ستقوم برفع تقريرها النهائي إلى لجنة الحوار الاجتماعي، ومن ثمة استئناف المفاوضات من جديد. وشهد الاجتماع الذي ترأسه رئيس الحكومة مع الأمناء العامين للمركزيات النقابية، بداية الشهر الجاري بالرباط، انسحاب الاتحاد العام للشغالين بالمغرب والكونفدرالية الديمقراطية للشغل بسبب تقديمه للعرض الحكومي نفسه، والذي يقضي بالزيادة في أجور الموظفين المرتّبين في السلالم من 6 إلى 10 الدرجة الخامسة، بزيادة 200 درهم سنة 2019، و100 درهم سنتي 2020 و2021. ومن بين النقط الخلافية بين الحكومة والمركزيات النقابية مشروع قانون مالية 2019، إذ وجّه له الميلودي مخاريق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، انتقادات لاذعة، مبرزا أنه "لا يتضمن أي إجراء لفائدة المأجورين، في وقت تضمن مجموعة من الإجراءات التي تخدم أرباب العمل وأصحاب المصالح". وأوضح مخاريق، خلال افتتاح اليوم الدراسي حول "هل يستجيب مشروع قانون المالية 2019 لمتطلبات العدالة الاجتماعية؟"، الذي نظمه الاتحاد المغربي للشغل بمجلس المستشارين، أمس الإثنين، أن "الاجتماع الذي نظمه رئيس الحكومة مع الفرقاء الاجتماعيين لاستعراض مشروع قانون المالية لم يأخذ بعين الاعتبار مسألة التخفيض الضريبي عن الدخل لفئات المأجورين".