إذا ما فاز الإسلاميون بالانتخابات في الوطن العربي، هل يمكن أن نتحدث عن ربيع لإصلاح الفكر الديني، بعدما تفشت فيه مظاهر التعصب والتزمت والتطرف والرجعية ؟ هل يمكن أن يصلح الإسلاميون إذا ما وصلوا إلى الحكم ما أفسده دعاة الاشتراكية والعلمانية والليبرالية ؟ هل 'سياسة الإسلاميين' يمكن أن تجعل شمس العقل الأنواري تشرق على عهدها من جديد ؟ أم أننا فقط سننظر إلى شمس العقل من خلال الغربال ! . لسنا ندري ما يحمله الغد العربي من أحداث جديدة .. لكن أولى إرهاصات الانتفاضات العربية تشير أن الحركات الإسلامية والزوايا والتيارات المذهبية تنتعش عجلاتها مع هبوب رياح التغيير في الوطن العربي، آخرها ما وصلنا من أخبار عن السلفية في مصر التي ولجت معترك السياسة، والتي كانت فيما قبل رجس من عمل الديكتاتور! في تونس .. فاز حزب النهضة الإسلامي بالأغلبية في الانتخابات الأولى بعد سقوط ديكتاتورية بنعلي. وقد رأينا وقرأنا أن هناك من يعارض نتيجة الانتخابات، بل هناك من ذهب بعيدا في تحليل هذا النجاح بقوله إن فوز حزب النهضة الإسلامي هو دليل على نكسة الربيع العربي في تونس. من المفيد أن نشير في هذا السياق أنه في محيط السياسة لا مجال للخوف مما أفرزته الديمقراطية، وإلا فعلينا أن نعيد النظر في أعز ما يطلب لدى الشعوب: الديمقراطية والحرية ! بعد نجاح الثورة تأتي الانتخابات الديمقراطية: الشعب يعبر، يصوت، يقول كلمته، يختار الإسلام السياسي كبديل عن الأحزاب العلمانية، هذه الأخيرة بعضها يقبل النتيجة قبولا حسنا، والآخر لا يقبلها ! لماذا ؟ فوز الإسلاميين هل هو عقاب جماهيري لمن يدعي دفاعه عن الجماهير الكادحة ؟ .. والمعركة السياسية أكبر مما يتوقع الجميع، إنها صراع فكري وسياسي وتاريخي أكثر منه صراع على الكراسي . وهل الإنتصار الكاسح للتيار الإسلامي في تونس يشكل البداية فقط لمسيرة صحوة جماهيرية ؟ وكأني بالجماهير تعاقب تاريخ الظلم الذي سكنها عنوة وبدون حق، وتحاول أن تكرم دينها حتى وإن كان ذلك بالتصويت على حزب إسلامي، ولا يمكن أن نقول كما كتبت بعض الأقلام أن الناس لا تفرق بين الدين الإسلامي والتيار الإسلامي، بل هي تعيي جيدا الفرق بينهما وربما أكثر من اي وقت مضى؛ لكن أنظر إلى حال المسلمين، ليس فقط في منطقتنا العربية الإسلامية، بل في كل بلدان العالم؛ الإقصاء والظلم 'والحكرة '. لهذا فإن التصويت لصالح حزب إسلامي إن لم يكن إنتصارا لبرنامجه السياسي أو للأشخاص الذين يمثلونه أو خضوعا لعصبية معينة فإنه سيكون بدون شك إنتصارا للإسلام المستضعف أهله في الأرض، وإعادة بعث الروح في حضارة المسلمين وقيمها وقوتها، حتى لا تكون العدالة والديمقراطية والمساواة وحقوق الإنسان والحرية بصفة عامة خارجة عن شريعة الإسلام . قد يقول قائل ان التيارات الإسلامية هي آخر ما تبقى لنا من أجل تحقيق نهضة إسلامية تنشر الخير والسلام والإسلام لكل العالمين، ما دمنا في عصر المؤسسات والسياسة، ولا شيء يتم خارجهما. فقط يجب أن يكون ذلك دون استبعاد الإيمان بالاختلاف والحق فيه ! بعيدا عن كل تطرف أو تشدد أو إقصاء للغير المختلف عني، لأنه في هذا الإقصاء هو إقصاء لذاتي؛ فالغير يسكنني على نحو قد أعرفه .. وقد لا أعرفه ! لكن ماذا عن الغير المغتصب للأرض والعباد، الهاتك بأمر هواه ؟ والغير المدافع عن قيم الانحلال الخلقي باسم الحريات الفردية ؟ ألا يدعو الجماهير إلى الثبات أكثر على تعاطفها مع التيارات الإسلامية حفاظا على قيمها ؟ _________ تأمل: يقول الفيلسوف الفرنسي رينه ديكارت ' العقل السليم أعدل الأشياء قسمة بين الناس، لكن ليس المهم أن نمتلك عقلا بل المهم أن نحسن استخدامه '. http://www.facebook.com/bad.badrh http://badrpress.blogspot.com