افتُتِح بمقر الرابطة المحمّدية للعلماء "المنتدى الإقليمي الأول حول دور القيادات الدينية في تعزيز قدرات النساء والشباب من أجل مناهضة العنف وتحقيق السلم والأمن في الدول العربية"، وعرف حضور السفير التونسي، والقائم بأعمال السفارة الجزائرية، أعلى ممثل للجزائر بالمغرب؛ والذي حضر لأول مرة نشاطا للرابطة بعد الخطاب الملكي الذي مدّت فيه المملكة يدها للجزائر من أجل إحداث آلية سياسية مشتركة للحوار والتشاور بين البلدين. ويهدف هذا اللقاء الإقليمي إلى تبادل أحدث التطورات والجهود العالمية والإقليمية والوطنية حول دور القيادات الدينية، والمتدخّلين الميدانيين، في تعزيز قدرات النساء والشباب من أجل السلم والأمن في الدول العربية، عن طريق الاستبيان والفهم الصحيحين لجوهر النصوص القرآنية والنبوية، وما يرتبط بهما من أصول مرجعية. أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، قال إن موضوع المنتدى هو تعزيز قدرات القادة الدينيين بالمنطقة العربية "من أجل مكافحة السّلوكات الخطرة، وتعزيز قدرات النساء والشباب باعتبارهم فاعلين أساسيين ومحوريين بهذا الخصوص؛ فيتم الحديث عن 52 بالمائة كيفية وليست كمية فقط بالنسبة للنساء في مجتمعاتنا، ويتم الحديث عن الشباب باعتبارهم يحملون ويكتَنزون طاقات إبداعية تحتاج إليها مجتمعاتهم من أجل تجاوز هذه الممارسات السلبية". ونبّه عبادي إلى الأبواب الثلاثة التي تمكّن القادة الدينيين من تعزيز قدرات النساء والشباب من أجل مناهضة العنف وتحقيق السلم والأمن؛ أوّلُها "بُعْدُ التّملّك، الذي يحتاج إقناعا وجدانيا، وليس فقط إقناعا فكريا وعقليا؛ وهو إقناع يتأسّس على جاذبية ومفهومية يحتاجان جهدا من أجل تملّكهما، ونوعا من التفكيك حتى تصبح هذه الأمور المرادُ تملّكها قابلة للاستبطان من قِبَل الفئات المستهدفة". وثاني الأبواب، حسب عبادي، "الوعي بالسياق الذي يتم فيه الفعل، وهو سياق عولميّ عرف طفرات في الأجيال الحقوقية، والأجيال التكنولوجية، والأجيال التواصلية، وأضرُبا من التأثير والتأثّر لم تكن مسبوقة من قبل، والتي يجب رصدها بشكل مستدام، حتى يكون للفعل الذي من المفروض أن يوقّعه القادة الدينيون، ذكورا وإناثا، الأثر المطلوب". وتشكّل الدعامات المستخدمة والوعي بأن الخطاب الذي سوف يسكب في هذه الدعامات لا يمكن أن يبقى موجّها إلى الرّاشدين فقط البابَ الثالث، "لأن في المجتمعات راشدات وراشدين، ويافِعين، وشبابا، وأطفالا؛ فلا يمكن أن يكون الخطاب الموجّه إلى الأطفال هو الخطاب الموجّه إلى الرّاشدين، وكذلك الأمر بالنسبة للخطاب الموجّه إلى اليافعين، أو الخطاب الموجّه إلى الشباب". ووضّح العبّادي أن الدّعامات المستخدمة في تعزيز قدرات النساء والشباب من أجل مناهضة العنف وتحقيق السلم والأمن "لا يجب أن تكون مسجديّة فقط، أو إعلامية فقط، بل وجب أن تكون تلعيبيّة (Gamification)، وأن تكون رقميّة، وأن تكون ضمن مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما يحتاج إلى مهارات"؛ ثم استرسل موضّحا: "الغرض من هذه الورشات هو بناء هذه المهارات، من أجل تعبئة النساء وكل الفاعلات اللائي ينتمين إلى جميع الشرائح الفاعلة في مجتمعاتنا، وتعبئة الشباب وبناء قدراتهم حتى يتملّكوا مثل هذه القضايا، ويعوا السياق الذي تقع فيه، ويتملّكوا الدعامات الممكِّنة من النجاعة في الخطاب؛ فلا يمكن أن ننظر إلى الشباب في مجتمعاتنا بوصفهم عبئا، بل لا بد من الوعي بأنهم الرافعة الحقيقية التي سوف تمكّن مجتمعاتهم من بلوغ مصافّ التأثير والفعل المرجوّين في منطقتنا وفي كافة مناطق العالم". من جهته قال فيليب بوانسو، المنسق المقيم للأمم المتحدة وممثل صندوق الأممالمتحدة للسكان بالمغرب، إن هذا النشاط الذي شارك فيه بناء على دعوة من الرابطة المحمدية للعلماء "يجمع قيادات دينية، وفاعلين حكوميين، والمجتمع المدني، من أجل مناقشة وتبادل الخبرات، وتعريف الممارسات الجيدة في مجال مكافحة العنف المبني على النوع". ووضّح المنسق المقيم للأمم المتحدة أن العنف المبني على النوع "يمسّ الكثيرين والنساء والشباب على وجه الخصوص، وهو عائق أساسي في جميع البلدان، لأنه يمسّ ويعتدي على حقوق الإنسان، ويُعيق العيش الكريم، والتنمية العامة والمجتمعية للبلدان"، مضيفا أنه في "هذه التجربة المثيرة للاهتمام يتمّ النظر في النصوص الدينية المقدّسة، والمعطيات التي تمكّن من مَفْصَلَة الخطاب والجواب على هذا النوع من المشاكل، لأن هناك عناصر متعددة يمكن أن يستخدمها القادة الدينيون من أجل مكافحة العنف المبني على النوع".