قال نور الدين الصايل، رئيس المركز السينمائي المغربي سابقا مدرس مادة الفلسفة سابقا، إن المنطق الذي كان يُعرَّف بأنه شيئ يمَكّن من فهم كل شيء أصبح معه الواقع واضحا ومُمْكنَ الفهم، وبالتالي أصبح من الممكن التفكير في إمكانية تغييره وتحسينه. وأضاف الصايل في محاضرته التي عنونها ب"فهم"، أو "Comprendre"، وألقاها في إطار "ليلة الفلاسفة" التي استقبلتها كلية العلوم التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط ليل أمس الجمعة، أن الفهم يكون قبل اتخاذ الموقف، مذكّرا بالأخذ والعطاء في الأغورا اليونانية، ساحة النقاش الفلسفي الدائرية، وبأن الوصول إلى "المنطق" لم يكن أمرا سهلا. واستشهد المتحدّث بفيلم "A space odyssey :2001" لمخرجه ستانلي كوبريك، بوصفه "أحد أحسن الأفلام في تاريخ العالم"، وبأنه فيلم مركّب من الموسيقى، المتمثلة في مقاطع ليغيتي، وريتشارد شتراوس، وجون شتراوس؛ لأن العالم أتى من صوت تكوَّن منه كل ما سيكون من ضوء وأشياء. واسترسل الصايل موضّحا أن "أوديسة الفضاء" يحكي فيها كوبريك قصة العالم منذ إنسان ما قبل التاريخ وصولا إلى مرحلة الذكاء الصناعي وما سيحدث مستقبلا، مشيرا إلى تصوير المخرج الأمريكي خوف الإنسان من الاختفاء بسبب تطور الذكاء الصناعي منذ الستينيات، واستمرار ذهاب العالم دون أن يعرف إلى أين، الذي تعكسه لقطة توجه المركبة إلى كوكب المشتري. ويرى الصايل أن قوة الذات تكمن في المعرفة التي يجب أن تكون هدفا لنا بوصفنا أناسا، ويضيف قائلا إن "في الفهم من أجل الفهم فرحة اسبينوزية؛ لأنه داخل هذا المجال المغلق نجد انفتاحا مطلقا فيه معرفة لذاتها نحس نتيجتها بالحبور، وبذلك يكون الأبد الشيء الوحيد الذي يجب أن نفكّر فيه، مع كل ما نعيشه وما سنعيشه، ورغم الفواجع التي نراها". واستحضر الصايل تعليق آينشتاين على اسبينوزا حول كون الفلسفة جمعا للذكريات من أجل هدف متحد، يُغيّر في كل مرة هدفه؛ لأن اللغة لا يمكن أن تجيب عن كل الأسئلة التي تطرحها الإنسانية، معلّقا بأن "هذا ما يقوم به الرسّامون، والفنانون، والمخرجون السينمائيون في وقت لاحق". وذكّر الرئيس السابق للمركز السينمائي المغربي بأن ضرورة "قول نعم" للوجود بأكمله، لا لأنفسنا وحدنا، تتمثل في أن إحساسنا بلحظة حبور واحدة يعني أن الوجود بكامله قد التحم من أجل جعلها ممكنة، قبل أن يتمنى لجميع الحاضرين "سعادة أبدية" في بعدها الفلسفي.