على الرغم من تراجع قوة "داعش" بالنظر إلى تقلص المناطق التي استولت عليها هذه المنظمة الإرهابية، إلا أن مخاطر التهديدات الإرهابية والتحديات الأمنية في إفريقيا والشرق الأوسط ما تزال قائمة ومستمرة، وفقا للخلاصات التي توصل إليها باحثون مغاربة ودوليون في ندوة عُقدت بالرباط، اليوم الخميس، من تنظيم مركز إفريقيا للدراسات والشرق الأوسط. في هذا الصدد، قال خالد عبيد، مؤرخ تونسي في التاريخ السياسي المعاصر، في الجلسة الأولى من الندوة، إن من راهن على تجربة حكم الإسلاميين بعد تداعيات "الربيع العربي" للقضاء على منبع الإرهاب، وفق نموذج جديد، قد فشل في ذلك، مضيفا أنه "كانت هناك رغبة دولية في تأهيل الإسلام المعتدل للوصول إلى الحكم في خطوة هدفت إلى القضاء على الفكر التكفيري". وخلص المتحدث، في مداخلة حول "الدولة المتداعية في تونس واللادولة في ليبيا: بين إرهاب متربص وملامح فوضى"، إلى أن تجربة القضاء على الإرهابيين من خلال إدماج الإسلاميين في السلطة (مصر، وتونس، واليمن، وليبيا، والمغرب)، "كان مفعولها العكس، وبالتالي لم تقض على هذا الخطر المحدق بالغرب، وهو ما نراه اليوم في عدد من دول المنطقة". وحذر خالد عبيد من الخطر المهدد بالفوضى في كل من تونس وليبيا، لافتا إلى أن "تواصل الحالة على ما هي عليه، وخاصة في ليبيا، ستكون لها ارتدادات كبيرة على المستوى الجغرافي والسياسي في كل منطقة البحر الأبيض المتوسط وأوروبا". من جهته، تطرق يوسف العلقاوي، رئيس غرفة الجنايات الاستئنافية المكلفة بقضايا مكافحة الإرهاب بسلا، إلى قضية العائدين من بؤر التوتر والنزاع، وقال إن العديد من المغاربة دفعهم الحصار على "داعش" إلى أن يفروا من سوريا والعراق إلى منطقة الساحل وبعض المناطق في آسيا، منها الفلبين (نموذج جهادي مغربي يُدعى أبو كثير كان قد نفذ هجوما انتحاريا في جنوبالفلبين). ولمح المسؤول المغربي إلى وجود جهات تساعد هؤلاء الإرهابيين على التنقل بكل حرية، متسائلاً: "كيف يمكن لأبي كثير وآخرين أن يتنقلوا بكل حرية ودون وجود رقابة، ثم يحصل على سيارة مفخخة وسط وجود صعوبات متعلقة بدخوله إلى بلد جديد؟". الخبير المغربي في برنامج تابع لمكافحة الجريمة مختص في محاربة غسيل الأموال والتصدي للإرهاب بدول الساحل، قال إن المغرب اتخذ خطوات استباقية كثيرة للتصدي لظاهرة الإرهاب، وهو ما يجعله في مأمن من الجريمة الإرهابية. وأشار رئيس غرفة الجنايات الاستئنافية في قضايا الإرهاب، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى سوء استعمال الدين والخطاب الإيديولوجي الذي تتبناه الجماعات المتطرفة، موردا أن "ما تقوم به التنظيمات الإرهابية ينبني على فهم خاطئ للنص القرآني، وبالتالي السقوط في فخ التطرف واستغلال ظروف اقتصادية واجتماعية لضحايا الإرهاب". وفي مداخلة حول "القرن الإفريقي بين التهديدات الإرهابية والتحولات الجيو-استراتيجية"، نبه الموساوي العجلاوي، باحث بمركز إفريقيا والشرق الأوسط للدراسات، إلى أن ظاهرة الإرهاب ليست مسألة تقنية أو أمنية استخباراتية، وإنما ظاهرة مجتمعية تتطلب انخراط جميع الفاعلين. ودعا العجلاوي إلى تضافر الجهود الدولية من أجل محاربة التصدعات التي تقف وراء انتشار الإرهاب، خصوصا على مستوى محاربة الفوارق الطبقية والمجالية. واعتبر المتحدث أن "القرن الإفريقي يشكل أهمية كبرى في قضايا الاستقرار بالقارة الإفريقية"، مشيرا إلى العامل المرتبط بالنزاعات الإقليمية والصراعات الإثنية والسياسية، وإشكال بناء الدولة، و"هي تصدعات ينبت فيها التطرف بكل تجلياتها وتشكل غذاء لحركة الشباب المجاهدين". ويضم القرن الأفريقي كلا من إريتريا وجيبوتي وإثيوبيا والصومال، ويمكن أن يضاف إليهما السودان وكينيا. وغالبية هذه الدول تعاني من وجود ميليشيات مسلحة وحركات إرهابية.