نحيفة الجسم وملامحها دقيقة، عيناها متّقدتان وترسلان الشّرر في كلّ صوب، تشبه رسوم المانغا اليابانية بجفون طيّاتها مزدوجة. تصرّ على شدّ حزام فستانها حتّى يضيق لأقصى حدّ، فأعجب كيف يمكنها التّنفسّ وثوبها يلتفّ حول خصرها ويطبق على معدتها دون هوادة. تتحرّك بخفّة ونشاط، تحبّ النظافة والنّظام وأغراضها دائما مرتّبة، حتّى فراشها، لا تنام إلاّ وقد سطّرت غطاءها تسطيراً، مستطيل أضلاعه المتقابلة تامّة التّساوي والتّوازي، وحواشيه مستقيمة ولا تجد عليها تموّجاً شارداً. لا أذكر كيف أغضبتها يوماً، فانتقمت مني شّر انتقام... عُدتُ من الثّانوية لأجد مذكّرتي الجميلة ممزّقة بشكل همجيّ؛ كلّ صفحة تمّ العبث بها والخربشة عليها بقلم حبر جافّ حتّى انشرمت، بعدما شُوّهت الصّور الملصقة عليها. مذكّرتي الحبيبة التي جمعت فيها صوراً نادرة لنجوم من عصر هوليود الذّهبي، عشقتهم وما فتئت أقتفي أخبارهم في المجلات القديمة عند باعة الكتب المستعملة. أسرتني طلّتهم السّاحرة وابتسامتهم المضيئة وتسريحة شعرهم الجذّابة. كلّ نجم بطابع خاصّ يميّزه عن غيره. نساء ورجال بارعو الجمال والفتنة والسّحر مع الرّوعة في الأداء السّينمائي. توفّرت لديّ مجموعة كبيرة من الصّور والأخبار عنهم وقد بدأت في كَنزِها منذ فترة الإعدادي، حيث منّ الله عليّ بصديقة مولعة بالفنّ والسّينما مثلي، لطالما سردت لي قصص أفلام رائعة شاهدتها في منزل أخيها الملحّن والمنتج المرموق. إحساس رهيب وأنا أرى وجوه نجومي المحبّبة مشوّهة بتلك الطّريقة الوحشيّة، وأوراق مذكّرتي الغالية ممزّقة ومتناثرة على الأرض شاهدةً على مجزرة حقيقيّة... أيّ قلب حاقد لا يعرف الرّحمة استطاع فعل ذلك بي وبها؟