عوض أن يتحدث رئيس الحكومة، عباس الفاسي، في أول ندوة صحافية له قبل أربع سنوات من تعيينه في منصب الوزير الأول، حيث أنه قرر منذ سنوات مقاطعة الإعلام الوطني واكتفى ببعض الإطلالات الباهتة في الإعلام الفرنسي، بدل أن يقدم عباس في هذه المناسبة حصيلته الحكومية ورؤيته للمستقبل، صب جام غضبه على «G8»، وعلى قائده صلاح الدين مزوار، الذي اعتبر الفاسي تحالفه يمس الديمقراطية، ويخلق الارتباك لدى المواطنين. لماذا يا أستاذ الفاسي؟ الجواب على لسان وزيرنا الأول –لا تضحكوا رجاء- «لأن مكونات «G8» متنافرة، فجزء منها مع الليبرالية المتوحشة (يقصد حزب الأحرار والاتحاد الدستوري وربما الحركة الشعبية، وكل هذه الأحزاب تعلن عن توجهها الليبرالي ولا تخفيه)، وبعضها الآخر يؤمن بالاشتراكية...». طيب، لنا سؤال للسيد عباس الفاسي الذي يكره الأسئلة: لماذا يا رئيس حكومتنا تركت مزوار في حكومتك لما وضع يده في يد أحزاب من المعارضة وهو وزير في الحكومة؟ الدستور يعطيك الحق في أن تطلب من الملك إعفاءه من الحكومة مادام قد اختار التحالف مع أحزاب في المعارضة. السؤال الثاني: كيف تعيب على «G8» غياب الانسجام بين أحزابه وأنت قبلت بائتلاف حكومي قدته لمدة أربع سنوات لا يجمع بين أحزابه سوى سقف الحكومة وكرسي الوزارة، ألا يوجد في حكومتك، السيد عباس، الليبرالي والاشتراكي والمحافظ والحداثي والتقليدي والمخزني والمعرب والفرانكفوني واليساري واليميني والسياسي والتقنوقراطي، ومن نزل بالمظلة فوق رأس الحكومة، ومن صبغ في آخر لحظة بألوان باهتة، حتى إن حكومتك المباركة ضمت وزيرا في الحكومة (السيد اخشيشن) وحزبه في المعارضة ولم نقل شيئا، والآن، في نهاية عمر الحكومة، الذي جاء قبل الأوان، تتطوع لتقديم فتاوى الحلال والحرام في التحالفات الحزبية وضرورة وجود الانسجام وإلا بطل عقد الزواج. قال عباس في الندوة الصحافية التي عقدت بالرباط أمس، موجها كلامه إلى من يعنيهم الأمر: «رئيس الحكومة يجب أن تتوفر فيه ثلاث صفات وهي: أن يكون له تاريخ نضالي طويل، وأن يكون معروفا لدى الشعب، وأن يكون عادلا...»، بهذه المعايير، معايير القدم في السياسة كان أولى أن يكون السيد امحمد بوستة أو بوبكر القادري أو عبد الكريم غلاب -حتى نبقى في بيت الاستقلاليين- هو الوزير الأول وليس عباس، أما أن يشترط عباس في رئيس الحكومة المقبل أن يكون معروفا لدى الشعب وحزبه حصل في انتخابات 2007 على نصف مليون صوت، من أصل 20 مليونا كان يحق لهم آنذاك الإدلاء بأصواتهم، فهذا المعيار فيه نظر، أما شرط العدل الذي نسبه عباس إلى نفسه، فالمغاربة يقولون في مثل هذه المواضيع: «من يشهد للعروس»... يعرِّف فقهاء الإسلام العدل بأنه الميل إلى الحق، والحق يتطلب الشجاعة والقوة وعدم الخوف على المنصب أو الجاه أو المال، ولكم، السيد عباس، واسع النظر بعد هذا التدقيق.