فشل سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، في إقناع المركزيات النقابية بضرورة مواصلة التفاوض حول العرض الحكومي الذي تم تقديمه في الجولات السابقة، وهو المعطى الذي يضع العثماني في موقف حرج مع الملك محمد السادس، الذي دعا في خطاب رسمي إلى تجاوز مرحلة "البياض" المسجلة في صفحات الحوار منذ الحكومة السابقة. وكان الجالس على العرش طالب مختلف الفرقاء بإنجاح الحوار المتعثر من خلال "استحضار المصلحة العليا، والتحلي بروح المسؤولية والتوافق، قصد بلورة ميثاق اجتماعي متوازن ومستدام، بما يضمن تنافسية المقاولة، ويدعم القدرة الشرائية للطبقة الشغيلة بالقطاعين العام والخاص"؛ لكن هذه التعليمات الملكية الصادرة في خطاب العرش الماضي، لم تجد صداها بين الحكومة والنقابات. وتتجه حكومة العثماني إلى تكرار سيناريو حكومة بنكيران بعد قرار نقابة الاتحاد المغربي للشغل، أكبر مركزية نقابية في المملكة، مقاطعة جلسات الحوار الاجتماعي مستقبلاً، وانسحاب كل من الاتحاد العام للشغالين بالمغرب والكونفدرالية الديمقراطية للشغل من اللقاء الذي جمع الحكومة مع النقابات المركزية الأربع. وترفض النقابات العرض الحكومي السابق المتمثل في الزيادة في أجور فئة من الموظفين العموميين ب400 درهم موزعة على ثلاث سنوات، في مقابل مطالبتها بالزيادة 600 درهم معممة على جميع السلالم في الوظيفة العمومية، والزيادة في أجور القطاع الخاص ومراجعة الحد الأدنى للأجور، والتخفيض الضريبي عن الأجور. مصادر نقابية أكدت، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "تشبث العثماني بنفس العرض الحكومي الذي قدمه سيدفع النقابات إلى تسطير برنامج نضالي تصعيدي في غضون الأيام المقبلة، بعد فشل لغة الحوار والتفاوض". وحملت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل حكومة العثماني مسؤولية فشل الحوار الاجتماعي، وشددت على أنها "ستواصل النضال لمواجهة التوجهات والخيارات الحكومية اللاشعبية التي تروم تبخيس العمل النقابي، والإجهاز على الحقوق والمكتسبات العمالية". من جهتها، عبّرت الحكومة، في اللقاء السابق، عن "استعدادها لإنجاح الحوار الاجتماعي بشكل جدي مع الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين"، مشيرة إلى إمكانية مدارسة المقترحات النقابية وأن العرض الحكومي "ليس جامدا وأنه مرن ومنفتح على تطورات التفاوض". وقرّر العثماني إحداث لجنة تقنية بين الحكومة والنقابات، من أجل تدقيق المقترحات للوصول إلى عرض شامل لجميع الموظفين ومستخدمي القطاع الخاص قبل متم شهر نونبر الحالي.