شدّد أحمد السكونتي، خبير لدى منظمة اليونسكو في التراث الثقافي غير المادي، على أن الاهتمام بالحرف التقليدية منصبّ على الجوانب المادية في أغلب الدول، أي كل ما يتعلق بالمنتج من مواد أولية ومعارف نظرية ومهارات تطبيقية، في حين يتم إغفال الجوانب اللامادية، مثل الأهازيج والأغاني والرموز بشكل عام. وأوضح السكونتي، خلال الكلمة التي ألقاها في الندوة التي نظمت صباح اليوم بمعرض مهنيي الصناعة التقليدية "من يدنا" بالبيضاء، حول موضوع: "صون التراث الثقافي غير المادي المرتبط بحرف الصناعة التقليدية"، أن المغرب انتبه إلى هذه النقطة في وقت مبكّر، فشرعت القطاعات الوزارية المعنية في الحفاظ على المعجم الذي يرافق المهن التقليدية. وأكد الأستاذ في المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث أن صون الإرث غير المادي يساهم في تحقيق رفاهية الدول، مبرزا أنه رافعة أساسية للتنمية المستدامة والتقدّم الثقافي، وداعيا إلى ضرورة تلقين معجم الصناعات التقليدية داخل مراكز التكوين، "التي يجب ألا تقتصر على تعليم أبجديات الحرف فقط". وتطرّق الخبير لدى منظمة اليونسكو إلى اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي، التي وقعت عليها المملكة سنة 2006 بعد اعتمادها من قبل المؤتمر العام للمنظمة في 17 أكتوبر 2003، مشيرا إلى أنها ترتكز على أربعة مبادئ أساسية تتمثل في صون التراث والاحترام، ثم الوعي والتقدير المتبادل، فضلا عن التعاون والمساعدة الدولية. وقال أحمد السكونتي إن وضع وتطوير السياسات المتعلقة بصون التراث الثقافي غير المادي يندرج ضمن مسؤولية جميع الفاعلين دون استثناء، فالبلديات والجهات يجب أن تضع القوانين التي تنظم المجال على المستوى المحلي، بالإضافة إلى إلزامية صياغة أنظمة تخص الملكية الفكرية على الصعيد الوطني، دون إغفال أدوار الجامعات ومراكز البحث والمكتبات والمتاحف. وركّز الخبير على المهام التي تضطلع بها الأطر القانونية والمؤسساتية من أجل حماية حقوق الصنّاع التقليديين، إذ تتكلف بإعداد أنشطة صون التراث الثقافي اللامادي والتنسيق بين الفاعلين وضمان مشاركة الجماعات، إلى جانب زيادة منسوب الوعي لدى المواطنين. كما توجد أطر دولية تسهر على ضمان استمرارية الاتفاقيات الدولية التي يتم توقيعها. من جهته، قال شكيب العبدولاي، المدير الجهوي للصناعة التقليدية بجهة الدارالبيضاءسطات، إن "الوزارة تفكر في تسويق معرض مهنيي الصناعة التقليدية على المستوى الدولي، لأنه حقّق نجاحا كبيرا بشهادة جميع الوفود الأمريكية والتونسية التي شاركت في المعرض". وأضاف العبدولاي، في حديثه مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن "أي صانع تقليدي يعتبر تراثا لاماديا، كما أن الحرف لها طقوس معينة يجب الحفاظ عليها، ومن ثمة فالشراكة التي تعقدها الوزارة مع منظمة اليونسكو تتغيّا صون التراث الثقافي للمملكة، باعتباره آلية مهمة للنهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية". ولفت المسؤول الحكومي الانتباه إلى غياب التنسيق بين المتدخلين في القطاع، مبرزا أن هنالك تداخلا في بعض الاختصاصات، لاسيما بين وزارة الداخلية وكتابة الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي، ومؤكدا أن الصانع التقليدي لا يمت بصلة إلى التاجر، خصوصا أن الكثيرين يشتكون من غلاء الأسعار، ومشددا على أن مراقبة الأسعار هي مسؤولية وزارة الداخلية. أما سناء علام، المسؤولة عن برنامج الثقافة بمكتب اليونسكو لدى الدول المغاربية، فتحدثت عن أهمية جرد وتوثيق المهن التقليدية التي في هي طور الانقراض من قبل الصناع، مشيرة إلى أن الرموز تعد جزءا من التراث المغربي الذي يزخر بحرف ضاربة في التاريخ. وأكدت المتحدثة ذاتها أن "تسجيل أي عنصر لا مادي والاعتراف به من قبل منظمة اليونسكو ينبغي أن يكون موضوع طلب من قبل الدول الأعضاء، ثم إلزامية الاستجابة لجميع المعايير الموجودة في اتفاقية صون التراث غير المادي"، مضيفة أن المغرب رفقة بعض الدول المغاربية بصدد إعداد ملف من أجل تسجيل وجبة الكسكس لدى اليونسكو.