في خطوة منها لإنقاذ المهن والحرف التقليدية المهددة بالزوال في المغرب، كرمت وزارة السياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي، اليوم الإثنين بالرباط، عدداً من "المعلمية" و"الصنايعية" الذين ساهموا في تفعيل برنامجها الوطني حول المهن المهددة بالانقراض. ويتعلق الأمر بأربع حرف تقليدية هي الدك الصويري، وصناعة القباب بفاس، وشربيل الأطلس ببني ملال، والجلابة الزناسنية ببركان، جرى تكريمها في إطار الملتقى السابع حول المحافظة على حرف الصناعة التقليدية بالمغرب المنظم هذه السنة تحت شعار: "توثيق حرف الصناعة التقليدية، صون لتراثنا الثقافي غير المادي". محمد ساجد، وزير السياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي، قال إن وزارته قامت بمجهودات كبيرة لإحصاء الحرف المهددة بالانقراض وتوثيق العمليات التقنية لتدريسها في معاهد التكوين المتخصصة في مجال الصناعة التقليدية. وللحفاظ على هذا الموروث الذي يزخر به المغرب منذ قرون، أورد المسؤول الحكومي أن توثيق حرف الصناعة التقليدية سيمكن من صون التراث المغربي والمهن التقليدية، ولفت إلى أن "التنمية المستدامة اليوم ليست فقط هي المحافظة على المناخ والبيئة، بل أيضا تتجلى في المحافظة على المعمار والكنوز التي تزخر بها المملكة". ورفع ساجد تحدي الحفاظ على التراث اللامادي المتنوع للمغرب الذي تعيش بفضله الكثير من الأسر؛ وذلك من خلال أولاً إحصاء هذه الكنوز الإنسانية الحية المهددة بالاندثار، وثانيا مواكبة المهنيين لتوثيق التقنيات والمهارات التقليدية من أجل تلقينها للأجيال المقبلة، وثالثاً تكريم هؤلاء الصناع والاحتفاء بهم. وأبرز ساجد أن وزارته وقعت مع منظمة اليونيسكو اتفاقيات تهم الحفاظ على الكنوز الحية التي يزخر بها قطاع الصناعة التقليدية، وتهدف أيضاً إلى إنجاز مشاريع مشتركة لحماية التراث الحرفي من الاندثار، وشدد على أن وزارته أخذت على عاتقها "تدوين هذه الحرف ووضع المنظومة التكوينية الملائمة لضمان استمراريتها من جيل إلى آخر ولكي لا تموت الصنعة والحرفة". مجهودات الوزارة الوصية على القطاع للمحافظة على الحرف التقليدية وتوثيقها وتوصيفها بلغت، إلى حدود هذه السنة، 26 حرفة، من بين 42 حرفة تم تصنيفها مهددة بالانقراض، تتضمن أربع حرف تمت تغطيتها برسم سنة 2017. وقالت جميلة المصلي، كاتبة الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية، إن الوزارة تعمل مع اليونسكو على إنجاز مشروع على مدى خمس سنوات يتعلق ب "وضع منظومة وطنية للكنوز الإنسانية الحية" لقطاع الصناعة التقليدية خاص بالمملكة المغربية؛ وذلك "لكون الصناع يحملون هذا الموروث اللامادي الغني بطقوسه وأعرافه وتقاليده، واعترافا رسميا ودوليا لهم بإسهاماتهم في صون المعارف والتقنيات المرتبطة بهذا الرصيد الوطني والتراث الإنساني". وأوضحت أن التراث الثقافي غير المادي المغربي المرتبط بقطاع الصناعة التقليدية تتعدد روافده؛ "فهو يشمل التقاليد وأشكال التعبير الحية الموروثة عن أسلافنا التي تداولتها الأجيال وصولاً إلينا، وكذلك المعارف والمهارات الغنية التي تنقل عبره من جيل إلى آخر، إضافة إلى القيمة الاجتماعية والاقتصادية التي ينطوي عليها مع تعاقب العصور". بدوره، أشاد رئيس جامعة غرف الصناعة التقليدية بالمغرب بالمجهودات التي تقوم بها القطاعات الحكومية للنهوض بالمهن المهددة بالانقراض، وقال إن "الأسبوع الوطني للصناعة التقليدية الذي تنظمه الوزارة سنوياً أعطى نتائج ملموسة، ويوفر للصناع فرصة لإبراز منتجاتهم جهوياً ووطنياً". ولفت إلى أن تسليط الضوء على الحرف المهددة بالانقراض من خلال الاحتفاء بالصناع "يسهم في تشجيع الأجيال القادمة على التمسك بحرفة الأجداد التي ترمز إلى تاريخنا وحضارتنا المغربية".