أي شرف هو أعظم من شرف حمل رسالة الوحي الربانية ، وأي 0صطفاء أن تكون لغتنا العربية مختارة منتقاة لحمل الأسرار الإلهية ..!؟ إنها معجزة الحرف الذي يشع أسرار ونورا وجمالا ، إنها منبع المعاني وكنزها ، بحر الجواهر الجميلة التي لا ينفذ بريقها ! جمعت ووحدت قبائل كانت شتى ، فهل تعجز الآن أن تلم شعث فرقة عصفت بمن ينتسبون للسانها ، ويكتبون بحرفها !؟ من شرق إلى غرب البلاد العربية يكمن سر الوحدة والاتفاق ولو أن أهل العرب أرادوا الاتفاق حولها ل0تفقوا وتوحدوا ، وكما وحدتهم اللغة وحدهم الإسلام ، فغدا الإثنان أساسان من أساسات الوحدة والقوة والازدهار .. فمهما كان أصلنا وبلدنا ، تبقى لغة الضاد تجمعنا وتوحدنا وتنصرنا في المحافل أمام العالمين ...! بلدان كثيرة غلبت عليها الغربنة ، وتسلل إلى مناهجها التعليمية الكثير والشاذ والغريب الذي ليس منها من مفردات ومعاني ، فأضحت ما يسمى باللغة العربية مزيجا هجينا من كلام وكلام ، لا تستقر على حال جمالها وفصاحتها وجزالتها القديمة الأصيلة ..! أيضيع بريقها وجزالتها بين ثنايا الجرائد الرديئة ، وفي صفحات الكتب والمناهج التعليمية المغشوشة المسلوبة المستوردة ..؟ أتضيع بلاغتها بين جدران حجرات المدارس وتحامل العابثين ؟ نتيجة كانت متوقعة من حال كتلك ! أفواج من طلاب لا يحسنون قراءتها ولا الكتابة بها ، وإن فعلوا فركاكة ولحن ولكنة ، بله التعبير بها والإبداع عن طريقها فنا ، ومسرحا وشعرا ، وقصصا وروايات وقصائد ...! فهل ننتظر من أجيال لم يدرسوا اللغة العربية الحقة ، ولم يتذوقوا جمالها أن يقوموا بالتحدث بها عن فصاحة وبلاغة !؟ هل ننتظر أن يكون لسانهم مستقيما بها وهم يلحنون ويلكنون ، هم بذلك ضحايا كأمهم اللغة العربية ! ليست ملامة تلك الأجيال ، لكن هذا لا يعفيهم من تعلمها وتعليمها بالشكل الذي يعيد لها جماليتها وبلاغتها المعهودتين ، ويعيد لها هيبتها بين اللغات الأخرى العالمية ، أتعجز أن تنافسهم ، أم تفشل في ترجمة علوم وفنون وتقدم طبي وتكنولوجي ...!؟ لا شك أن لغتنا الجميلة تتعرض لهجمات شرسة متوالية ، ولا شك أيضا أن لها حراسا وجنودا يدافعون عنها ، فلنستبشر خيرا فالمستقبل لها ! هي البحر في أعماقه الدر كامن ..!