في خضمّ النقاش الدائر حول التوقيت المدرسي الجديد، الذي أعلنت عنه وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، غداة اعتماد الحكومة للتوقيت الصيفي طيلة السنة، عَدا رمضان، والمتمحور بالأساس حول الصعوبات التي ستواجه التلاميذ وأولياء أمورهم فيما يتعلق بمواعيد الدخول والخروج، تسود مخاوفُ من أن يؤثّر التوقيت الجديد، في حال تطبيقه، على جودة التعلمات، حيث سينخفض التوقيت المخصص للحصص الدراسية. وقال أساتذة تحدثت إليهم هسبريس إنّ تقليصَ المدّة الزمنية للحصص الدراسية سيؤثر سلبيا على جودة التعلمات، نظرا لكثرة الموادّ المُدرّسة. واعتبر عبد الوهاب السحيمي، أستاذ وفاعل تربوي، أنّ تطبيق التوقيت المدرسي الذي توافقت عليه الوزارة مع فيدرالية جمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ سيؤدي إلى تقليص مدة كل حصة دراسية من ساعة إلى 45 دقيقة، "وهي مدّة لا تكفي الأستاذ لإلقاء الدرس بشكل جيد"، على تعبيره. وكانت وزارة التربية الوطنية قد اتفقت مع الفيدرالية الوطنية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ بالمغرب على اعتماد توقيت مدرسي خاص بفصلي الخريف والشتاء، بموجبه يتحدد الدخول المدرسي في الساعة التاسعة صباحا والخروج على الساعة الواحدة زوالا، خلال الفترة الصباحية، وتبدأ الدراسة من الساعة الثالثة بعد الزوال إلى السادسة مساء، وتوقيت خاص بالربيع، يحدد الدخول المدرسي في الثامنة إلى الثانية عشرة صباحا، ومن الثانية زوالا إلى السادسة مساء خلال الفترة المسائية. ولم يتقرّر بعدُ تطبيق التوقيت المذكور، إذ قرّر سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، بعد لقائه مع النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية مساء الأربعاء، تأجيل الحسم في هذه المسألة إلى حين لقائه مع كل من رئيس الحكومة والوزير المنتدب المكلف بإصلاح الإدارة والوظيفية العمومة، بعد أن طالبت النقابات التعليمية باعتماد التوقيت المستمر. "الوقت المُخصص حاليا لكل حصة دراسية غير كاف، فبالأحرى إذا تمّ تقليصه"، يقول السحيمي، مضيفا: "ضيق الوقت المخصص للحصص الدراسية يؤثر على إلقاء الدرس بشكل جيد ويؤثر على مستوى فهم واستيعاب المتعلمين، فإذا بالوزارة تسعى إلى تقليص المدة مرة أخرى، فهل لمسؤولي الوزارة إدراك بعامل الوقت في الرفع من مستوى جودة التعلمات؟". التأثير السلبي لتقليص المدّة الزمنية للحصص الدراسية سينعكس أكثر على تلاميذ السِّلْك الابتدائي، خاصّة في الأقسام المشتركة، حيث يُوّزع الأستاذ المدة الزمنية المتاحة له على مستوييْن تعليميين، أيْ أنّ كل مستوى لا يستفيد أصلا إلا من نصف المدّة الزمنية المخصصة للحصة الدراسية. وتساءل السحيمي: "إذا كان الأستاذ يجد صعوبة في تدبير الوقت في قسم عادي، فكيف سيكون حال أستاذ يدرِّس عدة مستويات ويتوفر على نفس الحصة الزمنية المخصصة للأقسام العادية؟". من جهته، قال إسماعيل العماري، أستاذ التعليم الثانوي الإعدادي، إنَّ تقليص مدّة الحصص الدراسية إلى 45 دقيقة سيؤثر سلبيا على جودة التعلمات لدى التلاميذ، قائلا: "شخصيا، لا تكفيني ساعة كاملة لكي أقوم بالعملية التعليمية كما ينبغي، فما بالك ب45 دقيقة؛ لأنني أعتمد في عملية التدريس طرقا بيداغوجية تُشرك المتعلم في بناء التعلمات، تقوم على الحوار والنقاش وطرح التساؤلات وليس الإلقاء فقط"، وأردف ساخرا: "أعتقد أن 45 دقيقة بالكاد تكفي للإملاء". في المقابل، اعتبر أحمد المنصوري، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للعمل، أنّ تقليص المدّة المخصصة للحصص الدراسية سيكون في صالح التلاميذ. وأبدى المنصوري، على الرغم من انتقاده لاعتماد التوقيت المدرسي الجديد، تأييده لعزم وزارة التربية الوطنية على تقليص ساعات الدراسة من ثلاثين ساعة إلى 27 ساعة، ابتداء من الموسم الدراسي المقبل. الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للعمل قال: "لطالما انتقدنا الغلاف الزمني الدراسي، واعتبرنا أن ساعة في الأسبوع كثيرة وضاغطة على التلاميذ، ونبّهنا منذ سنوات إلى أنّ المتعلم لا يمكن أن يتحمّل هذا العدد الكبير من الساعات، خاصة في التعليم الابتدائي، بعد أنْ أصبحت المدرسة المغربية تستقبل تلاميذَ لا تتعدى أعمارهم خمْسَ سنوات ونصف السنة، والذين لا يستطيعون تحمُّل هذا العدد الكثير من ساعات الدراسة، علما أنّ الدراسات العلمية أثبتت أنّ الأطفال الصغار بحاجة إلى اللعب وإلى تنمية مهارتهم الحركية وليس الجلوس لساعات على مقاعد الدراسة". الموقف، الذي عبّر عنه الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للتعليم، عارضة إسماعيل العماري، بقوله "تخيل معي أنّ لدي 30 تلميذا في القسم، ولكل تلميذ دقيقتان، لكي يتكلم ويناقش، يعني أنني بحاجة إلى ستّين دقيقة، وأحتاج إلى وقت لأصحح لكل تلميذ، وإلى وقت للكتابة في السبورة"، مضيفا: "إذا تمّ تقليص المدّة الزمنية إلى 45 دقيقة، فإنّ هذه المدّة ستكفي الأستاذ فقط للإملاء". ولمْ يَرَ العماري مانعا من تقليص عد ساعات الدراسة من ثلاثين ساعة إلى 27 ساعة في الأسبوع؛ لكنه أكد أنّ تقليص ساعات الدراسة يجب أن يواكبه تقليص الموادّ المُدرّسة، ليكون حجمُ المقرر الدراسي متناسبا مع الوقت المخصص للدراسة.