اختتمت فعاليات الدورة الخامس عشرة من مهرجان "الأندلسيات الأطلسية" بالصويرة، مساء السبت الماضي، بحفل غنائي بهيج شاركت فيه أيقونة الفن الشعبي الحاجة الحمداوية، كما أدت الفرقتان اليهوديتان "هابيوت" و"أندلسيوس" وصلة موسيقية موحدة احتضنتها ساحة المَنزه، وسط جمهور غفير تجاوز المئات. وقدمت المجموعتان الموسيقيتان العديد من أغاني التراث اليهودي الأندلسي، فضلا عن تأديتها لمجموعة من الشذرات الأندلسية التي تمتح من الإرث المغربي بإيقاعات مختلفة، لا سيما أن غالبية أعضائهما يتحدرون من مدن المملكة، مؤكدين من جديد أن الصويرة هي مدينة التعايش المشترك والتسامح بين الديانات السماوية، ولم يفوتوا الفرصة دون تقديم الشكر للملك محمد السادس على المجهودات الجبّارة التي يقوم بها من أجل النهوض بالأوضاع الثقافية في المملكة. وأحيت الفنانة المغربية ريموند البيضاوية حفلا بهيجا تفاعل معه سكان مدينة الصويرة بحرارة، أدت خلاله باقة من الأغاني الأندلسية الشعبية والعصرية التي شدّت انتباه الجميع دون استثناء، حيث برعت في أداء مجموعة من الأغاني المغربية بطريقتها الخاصة، من قبيل أغنية "ما تقشي بيا" لعبد الهادي بلخياط، وأغنية "ما أنا إلا بشر" للمطرب عبد الوهاب الدكالي، بل وحرصت على النزول من خشبة المسرح لأداء بعض المقاطع الفنية. وقالت الفنانة اليهودية ذات الأصل المغربي، خلال الكلمة التي ألقتها في بداية الحفل، إنها تدين بالكثير إلى الحاجة الحمداوية التي ساعدتها في مسيرتها الفنية منذ البداية، مؤكدة أنها لم تكن لتصل إلى هذا المقام الذي خوّل لها الحضور ضمن ضيوف هذا المهرجان لولا قيدوم فن الطرب بالمملكة التي قدمت لها يد العون في بداية مسيرتها المهنية. سهرة الحاجة الحمداوية كانت من أقوى فقرات المهرجان، بالنظر إلى الجمهور الغفير الذي حضر إلى فضاء المنزه، إلى درجة أن كل المقاعد امتلأت واضطر الحضور إلى الوقوف خارج القاعة طيلة ساعات، ثم التفاعل الهائل مع أغانيها التي حفظها سكان مدينة "موكادور" عن ظهر قلب. وظلت الحاجة الحمداوية، التي عادت إلى جمهورها بعد غياب طويل إثر الوعكة الصحية التي ألمّت بها منذ مدة، محتفظة بألقها ووهجها المعهود؛ إذ تفاعل الحضور الذي تكوّن أساسا من سكان المدينة مع أشهر أغنيها الشعبية الموغلة في القدم التي غنّتها على المسارح، مثل "الكاس حلو" و"هزو بنا الاعلام" و"ماما حياني" وغيرها. يشار إلى أن مهرجان "الأندلسيات الأطلسية، الذي نظم خلال الفترة الممتدة من 25 أكتوبر إلى غاية 28 منه بمدينة الصويرة، عرف مشاركة أزيد من مائة فنان، بين موسيقيين ومغنين، أتحفوا الجمهور بأغان تستمد مرجعيتها من التراث العربي اليهودي الأصيل، بهدف نشر قيم التسامح والسلم والتعايش المشترك، في وقت تعرف فيه بعض المناطق انتشار نزعات الكراهية والتطرف الديني.