يسود استياء كبير في صفوف المركزيات النقابية بعدما أخلف سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، وعده بتوجيه دعوة رسمية إلى النقابات العمالية من أجل عقد جلسة حوار ثنائية، لاسيما أنه أكد خلال اجتماعات سابقة أن حكومة العدالة والتنمية عازمة على إنجاح الحوار الاجتماعي. وأفادت بعض المصادر النقابية بأن العرض الذي تحدثت عنه الحكومة لفائدة الشغيلة المغربية يبقى غير واضح، في ظل الارتباك الحالي الذي تتخبط فيه القطاعات الوزارية المسؤولة عن الحوار الاجتماعي. وأبرزت المصادر ذاتها أن سعد الدين العثماني وعد المركزيات النقابية بعقد جلسة حوار اجتماعي خلال الأسبوع الجاري، بعدما التقى بها رفقة الاتحاد العام لمقاولات المغرب في جلسة خُصصت لعرض مشروع قانون مالية سنة 2019. وشددت المصادر النقابية على أن سعد الدين العثماني لم يستدع أي نقابة عمالية إلى حدود الساعة، ما يجعل خطابه "مجرد شعارات فارغة"، والأمر نفسه ينطبق على الوعود التي تقدمها الحكومة للمغاربة بخصوص الإصلاح الاقتصادي والزيادة في الأجور. وأكدت المصادر نفسها، التي فضلت عدم كشف هويتها، أن النقابات كانت تتوسم خيرا في العرض الذي تنوي الحكومة تقديمه، لاسيما بعد التصريحات المتوالية لسعد الدين العثماني، رغم عدم إشراكها في إعداد جدول أعمال ومنهجية الحوار الاجتماعي. جدير بالذكر أن مجموعة من المركزيات النقابية أصدرت بيانات تصعيدية تهاجم فيها الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية، بسبب "العرض الحكومي غير المقبول"، مشددة على أنه "لا يعكس الواقع الاجتماعي والاقتصادي للطبقة العاملة"، ومضيفة أنها لم تتوصل إلى أرضية يمكن أن تكون قضية توافق مع الحكومة. وتوقعت النقابات فشل الحوار الاجتماعي حتى قبل أن يتم إجراؤه، إذ أشارت الأمانة الوطنية للاتحاد المغربي للشغل إلى أن العرض الحكومي حول الزيادة في أجور الموظفين والتعويضات العائلية "لا يرقى إلى انتظارات عموم المأجورين، ولا يُمكنه تحسين أوضاعهم المادية والاجتماعية، في ظل ظرفية تتميز بارتفاع الأسعار وتجميد الأجور". من جهتها، عبرت الفدرالية الديمقراطية للشغل، في بيان شديد اللهجة، عن موقفها من حصيلة حكومة سعد الدين العثماني، مبرزة أن "الأوضاع الاجتماعية للشغيلة المغربية صارت مقلقة جراء السياسات العمومية الفاشلة، بالإضافة إلى عجز الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية عن تقديم بدائل للمعضلات الاجتماعية القائمة". بدورها، قالت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل إن الحكومة لا تتوفر على الإرادة السياسية للاستجابة للمطالب المتضمنة في ملفها المطلبي، معتبرة العرض الحكومي هزيلا ولا يستجيب للحد الأدنى من المطالب العمالية، ومؤكدة أن الاستمرار في نهجها السياسي لن يؤدي سوى إلى مزيد من الاحتقان الاجتماعي والفوارق الطبقية والمجالية. في المقابل قال سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، في تصريحات سابقة، إن "الحكومة متشبثة بمواصلة الحوار الاجتماعي بشكل مستمر ومنتظم مع مختلف الأطراف المعنية، وعازمة على إنجاحه حالا ومستقبلا"، لافتا الانتباه إلى أن مسألة الحوار الاجتماعي خيار إستراتيجي للحكومة والبلاد.