أجمع المتدخلون خلال منتدى الأندلس، الذي انعقد أمس الجمعة، على هامش مهرجان "الأندلسيات الأطلسية" بمدينة الصويرة، على أن الأغنية عامل جوهري لا مناص منه، بغية تعميم قيمة التسامح بين مختلف الديانات السماوية، التي تختلف في بعض المسائل الجزئية، لكن هاجسها المشترك هو تحقيق الإنسانية بما يخدم صالح البشرية بصفة عامة. وأثنى رشيد بلمختار، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني السابق في حكومة عبد الإله بنكيران، على الجهود التي يقوم بها المستشار الملكي أندري أزولاي من أجل النهوض بالمنشآت الثقافية بمدينة "موكادور"، مبرزا أنها كانت مهمشة ومنسية تماما خلال سبعينيات القرن الماضي، لكنها تحولت الآن إلى مدينة نموذجية يحتذى بها. وأوضح الوزير السابق أن جامعة الأخوين قامت بدراسة حول تطور البنيات التحتية بمدينة الصويرة منذ سنوات خلت، فخرجت بخلاصة مفادها أن جوهرة المملكة حقّقت نجاحا باهرا في مختلف المجالات دون استثناء، حيث عرفت دينامية اقتصادية مهمة وتحولا اجتماعيا أساسيا تمثل في تزايد عدد السكان المحليين والأجانب على السواء، فضلا عن الأنشطة الثقافية المتنوعة التي تُعرف بها المدينة، بما فيها مهرجان "الأندلسيات الأطلسية". من جهته، شدد المستشار الملكي أندري أزولاي على الأدوار الكبرى التي تضطلع بها الموسيقى الأندلسية في سبيل تقريب وجهات النظر بين الديانات السماوية، مؤكدا أنه لا يوجد أي فرق بين المسلمين واليهود، لأن كلا منهما يبحث عن الأمن والسلام بعيدا عن التعصّب والتشدد الديني. وعرف المنتدى تبادل الكلمات بين الحاضرين بهدف إثراء النقاش، إذ تحدثوا عن أهمية هذه المهرجانات في غرس قيم المحبّة بين المواطنين بغض النظر عن اختلافاتهم، سواء تعلق الأمر بالدين أو العرق أو غيرهما من المحددات، مشيدين بالتغييرات الكبيرة التي عرفتها مدينة الصويرة، من خلال تعزيز البنيات التحتية وتشجيع الأنشطة السياحية، الأمر الذي جعلها قبلة للسياح من مختلف أنحاء العالم. وفي هذا السياق، قال أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، إن "المملكة المغربية أصبحت نقطة ضوء وجذب في العالم إثر الإرث الهوياتي الذي تزخر به، ثم التجربة التاريخية التي ورثت ما كان في الأندلس، وقد عمّقته التربة المغربية بخصوص التعايش السليم بين الأديان، فقد عبر هؤلاء القادمون من الولاياتالمتحدة عن رغبتهم في أخذ هذه الشعلة من المملكة لإظهار أن التعايش أمر ممكن وليس مجرد شعارات". وأضاف عبادي، في حديثه مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن "المغرب أصبح تجربة فضلى تحت قيادة أمير المؤمنين، بالنظر إلى البعد الحقوقي للمسلمين في فلسطين، وكذلك بالنظر إلى بعد الواجبات المتمثل في عدم التفريط بهذه الأبعاد الهوياتية، مما يعتبر شيئا فريدا عبر العالم، إذ نرصد أن بُعدي الواجبات والحقوق لهما إضافة على باقي الأبعاد". وأشار عبادي إلى أن "هذا النسج الفريد والمتّزن يثير انتباه سكان كوكبنا، الذين يأتون للتأكد: هل هذه مقاربة إعلامية إعلانية أم أنها حقيقة؟، لذلك فهم يرجعون باليقين أنها مسائل فعلية وليست مجرد دعاية، ولا شك أن هنالك تحديات من حيث مستلزمات الحفاظ عليها وتلقينها كما هي بهذا الاتزان المجسّد بالمملكة". يذكر أن النسخة الخامسة عشرة لمهرجان "الأندلسيات الأطلسية" انطلقت يوم الخميس الماضي بمدينة الصويرة، تحت شعار "إنعاش الذاكرة والاحتفاء بمغرب التسامح وقيم العيش المشترك"، إذ يحضر فيها نحو مائة فنان موسيقي ومغنٍّ، سيتحفون الجمهور بأغانٍّ تستمد مرجعيتها من التراث المغربي بصنفيه العربي والأمازيغي، في علاقة بالإرث اليهودي الأصيل، بهدف نشر قيم التسامح والسلم والتعايش المشترك.