"واك واك على شوهة والثروات نهبتوها"، "واك واك على شوهة والفساد عطا الريحة"، "هي كلمة واحدة هاد الدولة فاسدة، كاتقمع الفقرا وكاتحمي الشفارا"؛ كانت هذه شعارات ضمن أخرى صدحت بها حناجر مئات المشاركين في المسيرة الاحتجاجية التي دعت لها الجمعية المغربية لحماية المال العام، اليوم الأحد، في مدينة الدارالبيضاء، تحت شعار: "أوقفوا الفساد والرشوة ونهب المال العام". ورفع المحتجون، في المسيرة التي شاركت فيها تنظيمات حزبية يسارية وفعاليات نقابية ومدنية، شعارات قوية تطالب بالتوزيع العادل للثروة ومحاكمة كبار المسؤولين المتهمين بنهب المال العام، وليس الاقتصار فقط على إحالة بعض المنتخبين والموظفين على القضاء. المشاركون في المسيرة طالبوا الحكومة بإحالة التقارير الرسمية، وضمنها تقارير المجلس الأعلى للحسابات، على القضاء لمحاكمة المتورطين في جرائم الفساد المالي والرشوة، وشددوا على ضرورة "وضع معايير واضحة لتولي المهام العمومية والقطع مع منطق الزبونية والولاءات والمصالح الشخصية، واعتماد مبادئ الكفاءة والاستحقاق وتكافؤ الفرص في إسناد المسؤوليات على كافة المستويات". محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، قال إن المسيرة المنظمة تحت شعار "أوقفوا الفساد والرشوة ونهب المال العام" هي رسالة مفادها أن "النضال ضد الرشوة والفساد والإفلات من العقاب لا ينفصل عن النضال الديمقراطي ودولة المؤسسات." وأكد الغلوسي، في كلمة بالمناسبة، أن "الفساد في المغرب ليس حالة فردية معزولة، بل هو بنية ومنظومة تشكلت عبر عقود من الزمان، إذ تم استعماله ولازال يستعمل كوسيلة لترويض النخب وإدماجها في الحقل السياسي العام." وأوضح المتحدث أنه "رغم وجود عشرات التقارير الرسمية فإنه لا توجد إرادة سياسية حقيقية من أجل القطع مع هذه الظاهرة"، مشيرا إلى "وجود لوبي قوي في البلاد يضغط في اتجاه تأجيل الديمقراطية والإصلاح، وذلك عبر قيامه بمناورات أثبت الزمان أنها لا تصلح لأي شيء". وحول الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، يرى الغلوسي أن "الحكومة لا تتوفر على منهجية عملية لاسترجاع الأموال المنهوبة، في وقت يتم الرفع من الضرائب وضرب القدرة الشرائية للمواطنين وعدم الزيادة في الحد الأدنى للأجور"، وتابع: "الحكومة غير قادرة على الاقتراب من اقتصاد الريع وأجور كبار الموظفين الذين يتقاضون ما يفوق 40 مرة الحد الأدنى للأجور"، مورداً أن "الدولة عمدت إلى تفكيك الطبقة المتوسطة والتنظيمات الديمقراطية والمدنية التي يمكن أن تشكل حصنا منيعا ضد مظاهر الفساد". وندد المحتجون بما أسموه "تكدس الثروة في يد فئة قليلة ومحدودة، مقابل مواجهة المغاربة للفقر والبطالة وكل مظاهر التفاوت الاجتماعي، ما يدفع بالمئات من الشباب إلى ركوب قوارب الموت في ظل انسداد الأفق وغياب المستقبل". وتقدر إحصائيات حكومية رسمية أن الفساد يكبد المغرب خسائر سنوية ما بين 5 و7 في المائة من الناتج الداخلي الخام. وقال رئيس الحكومة، في تصريح سابق، إن الرقم المسجل في هذا الصدد "ضخم". وأضاف المسؤول الحكومي ذاته أن عدداً من المسؤولين يحاكمون بسبب "الرشاوى أو استغلال المال العام أو مخالفة القانون"، وذكر أنهم ينتمون إلى مختلف الإدارات العمومية، بما فيها "الأمن الوطني" و"الدرك الملكي."