يبدو أن الجزائر تعيش في مأزق سياسي كبير، بعدما استقبلت بعض المدن الواقعة في شمال موريتانيا عشرات الأسر الصحراوية النازحة من مخيمات تندوف، نتيجة تضييق الخناق على التجار الذين يمتهنون نقل البضائع من الأسواق الموريتانية. ونبهت العديد من المنابر الإعلامية الموريتانية إلى استمرار وتيرة توافد الأسر المتحدرة من منطقة تندوف على مدينتي "نواذيبو" و"ازويرات" في شمال موريتانيا، خلال الأيام القليلة الماضية. وقال الموقع الموريتاني "أنباء أنفو" إن عملية نزوح "الصحراويين" من تندوف ليست بالأمر الجديد، إذ بدأت منذ مطلع الشهر الماضي ومازالت مستمرة إلى حدود اليوم، لكن وتيرتها تزايدت في الفترة الأخيرة، لاسيما بعد قيام السلطات الجزائرية بمنع دخول شاحنات نقل البضائع والمحروقات إلى مخيمات تندوف طيلة شهر كامل. وهدد سكان تندوف، في وقت سابق، بمغادرة المخيمات والاتجاه صوب موريتانيا، بسبب الحصار المفروض عليهم من قبل قوات الأمن الجزائري، باعتبار شاحنات نقل البضائع المزود الأساسي للأسر بمستلزمات العيش اليومية. وأضافت جريدة "أنباء أنفو" الإلكترونية أن السلطات الجزائرية فرضت بشكل غير مسبوق إجراءات التفتيش والرقابة الأمنية على جميع السيارات والعربات التي تدخل إلى مخيمات تندوف. واستنكر العديد من "الصحراويين" في تندوف، خلال حديثهم مع المنبر ذاته، الخطوة غير القانونية التي قامت بها قوات الأمن الجزائري، والمتمثلة في فرضها لعدة ضرائب جديدة على التجار المتحدرين من المخيمات، خصوصا الذين يتنقلون بين تندوف ومدن شمال موريتانيا )ازويرات وبئر أم اكرين(. وفي هذا الصدد اعتبر نوفل بوعمري، الخبير في قضية الصحراء، أن "الأمر يتعلق بنزوح جماعي ذي بعد اجتماعي، بعد تضييق الدرك الوطني الجزائري وميلشيات الجبهة على التجار، الذين يمتهنون نقل البضائع من الأسواق الموريتانية قصد بيعها في المخيمات". وقال بوعمري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إنه "انتهاك واضح للحق في العمل الذي تنص عليه اتفاقية جنيف لحماية اللاجئين، فمادامت الجزائر تعتبر سكان مخيمات تندوف لاجئين يجب عليها أن تمنحهم حق العمل وامتهان التجارة". ويرى المحامي والباحث في الشؤون الصحراوية أن "الأمر يتعلق بتجار صغار لا نفوذ قبليا أو سياسيا لهم داخل المخيمات، لذلك تعمل الجزائر على التضييق عليهم، في انتهاك للقانون الدولي لحقوق الإنسان". وأوضح الباحث في ملف الصحراء أن "عملية النزوح ليست بالمستجد، فهذه ليست المرة الأولى التي تمنع فيها الجزائر التجار من نقل البضائع إلى داخل المخيمات، بل استعملت في مراحل الرصاص الحي ضدهم". وختم بوعمري تصريحه قائلا: "إنها سياسة حصار اقتصادي ممنهج ضد سكان المخيمات لخنقهم، خاصة الأقليات على المستوى القبلي التي ليس لها أي نفوذ، حتى يكون ملجؤها الوحيد هو الارتماء في أحضان الجزائر والبوليساريو".