انتقل إلى عفو الله المناضل والباحث محمد المنور يوم الإثنين 27 غشت 2018 بالرباط، بعد معاناة مع مرض لم يمهله طويلا. ولد محمد المنور في فاتح يناير 1951 بقلعة مكَونة عمالة تينغيرجنوب المغرب، حصل على دكتوراه السلك الثالث في التاريخ والحضارة بفرنسا سنة 1984، ثم الدكتوراه في التاريخ والحضارة بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس سايس سنة 2011. تقلد الراحل المنور عدة مناصب حيث شغل منصب مكلف بالدراسات بوزارة الشبيبة والرياضة، وكاتبا عاما بالمكتب الوطني المغربي للسياحة، ثم مديراً بالمكتب الوطني المغربي للسياحة بفرنسا، كما عين عضوا بالمجلس الإداري للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ابتداءً من سنة 2006، حيث ظل ذلك المتعاون المتفرد بإسهاماته الوازنة في بلورة استراتيجية المعهد وتجويد وظائفه العلمية والأكاديمية. واعترافا لما أسداه من خدمات جليلة، سيجتمع أصدقاء وزملاء الراحل محمد المنور خلال حفل تأبيني سينظمه المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، يوم الجمعة 12 أكتوبر 2018، تكريما لروحه ووفاء لرجلٍ من الطراز النادر رجل الحنكة والتجربة والثقافة والكفاءة الذي غادرنا وهو في قمة عطائه وإبداعه. ويعد الراحل محمد المنور نموذجا للمثقفين والجمعويين المغاربة الذين عملوا على مدى سنوات، على تعميق الدراسة والبحث في عدد من القضايا ذات الصلة بتدبير الشأن الأمازيغي، الذي نظر إليه الفقيد نظرة شمولية باعتباره ورشا وطنيا يهمّ جميع المغاربة، ما جعل منه أحد الرواد الذين بصموا مسلسل رد الاعتبار للأمازيغية لغة وثقافة وهوية فالرجل له قيمته الفكرية والأدبية باعتراف الجميع. وقد حظي الأستاذ محمد المنور قيد حياته بتقدير واحترام الفاعلين في حقلي البحث والعمل الجمعوي، ولم يكن هذا التقدير من طرف الذين يتقاسم معهم نفس القناعات فحسب، بل حتى الذين يخالفونه الرأي، بفضل الخصال التي يتحلى بها علاوة على تملكه لأساليب التواصل والاقناع والانفتاح على الجميع. ولا يمكن الحديث عن الحركة الأمازيغية دون ذكر إسم الراحل محمد المنور، وذلك بالنظر إلى مساهماته الغنية والمتنوعة في مجال ردّ الاعتبار للأمازيغية لغة وثقافة وهوية، معتمدا في ذلك على خطاب عقلاني منفتح يقوم على الاحترام وحُسن الإنصات، وهي الجهود التي توجت، بجانب جهود كل الفاعلين الآخرين، ببلوغ الأمازيغية وضعية الترسيم في دستور المملكة، وكان من نتائج جهوده كذلك تتويجه بالجائزة التقديرية للثقافة الأمازيغية برسم سنة 2013، كأرفع الجوائز التي يمنحها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية كل سنة تقديرًا لأعماله وإبداعاته ذات الإسهام الكيفي في مجال النهوض بالثقافة الأمازيغية. كما خلف الراحل بفضل سعة أفقه الثقافي مجموعة من الإنتاجات الفكرية تشمل مجالات عديدة ومتنوعة من قبيل التاريخ والأدب الشفوي، والأنتروبولوجيا والسيرة الذاتية التي مهما تنوّعت القراءات والكتابات في مجالات الثقافة وأجناس الأدب، تظل السير الذاتية بمثابة (الوثائق) المؤثرة في أصحابها أولاً، أثناء كتابتها، ثم في قرّائها أثناء قراءتها، فنختار من بين مساهماته الفكرية الكتب الآتية: كتاب "تاحميدوشت بين الدلالة الواقعية والرمزية" Tahmiddoucht, un regard qui traverse le temps (Imprimerie Almaarif Aljadida, Rabat, 2008) "دادس، من التنظيم الاجتماعي التقليدي إلى الهيمنة الاستعمارية (القرن 19 والقرن 20) - Dads, de l᾿organisation sociale « traditionnelle » à la domination coloniale, XIXe-XXe siècles, IRCAM, 2012 "مسار .. شغف مصير" (Parcours … la passion d'un destin) . "الأمازيغية ، الترسيم أو الموت" (Tamazight, la constitutionnalisation ou la mort), Ayt Bennasr ( Nasiriyyin), la trajectoire d'une famille « maraboutique» du Sud –Est Marocain XVe-XXe siècles, Editions Universitaires Européennes, 2018 رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته، وألهم ذويه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.