في ندوة دولية جرى تنظيمها قبل أيام في مدينة الدارالبيضاء حول تعزيز حركية اليد العاملة في إفريقيا لإعداد خطة لتعزيز قدرات المؤسسات المعنية بسوق الشغل، قال محمد يتيم، وزير الشغل والإدماج المهني، إنّ وزارته عملت على تيسير عملية ولوج المهاجرين واللاجئين إلى سوق الشغل من خلال إعفائهم من تقديم بعض الوثائق الضرورية. وأضاف يتيم أنّ الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات عملت، منذ سنة 2016، على تطوير عرض خدماتي ملائم لخصوصيات واحتياجات المهاجرين واللاجئين المقيمين في المغرب، حيث تمّ تسجيل أزيد من 1500 مهاجر بالوكالة، استفاد 500 منهم من المقابلة التشخيصية، كما استفاد 650 آخرون من ورشات البحث عن شغل. هذه المعطيات الرقمية قد تبدو مهمة، لكنّ الحصيلة التي تمخضت عنها فيما يتعلق بتحقيق غايتها، المتمثلة في إدماج المهاجرين في سوق الشغل، تظل هزيلة جدا؛ إذ لم يتعدّ عدد المدمجين إلى حدّ الآن 40 مهاجرا، وفق المعطيات التي قدمها وزير الشغل، رغم أنّ عدد المهاجرين الذين جرت تسوية وضعيتهم ناهز 45 ألفا. ويرجع سبب ضعف إدماج المهاجرين في سوق الشغل بالمغرب إلى عدم مواكبة عملية تسوية وضعية المهاجرين في وضعية غير قانونية، التي انخرط فيها المغرب مطلع سنة 2013، بآليات وإجراءات عملية لإدماج المهاجرين بشكل فعلي، سواء في سوق الشغل أو في النسيج المجتمعي بشكل عام، حسب خديجة عناني، المكلفة بملف المهاجرين بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان. وكان المغرب قد أطلق عملية تسوية استثنائية للمهاجرين في وضعية إدارية غير نظامية بداية يناير 2014، مكّنت من تسوية الوضعية القانونية ل24 ألف مهاجر، غالبيتهم من دول إفريقيا جنوب الصحراء. ومكّنت المرحلة الثانية من العملية، التي انطلقت سنة 2016، من تسوية 21 ألف طلب. وبموجب هذه التسوية، تمكّن المستفيدون من الحصول على بطائق الإقامة التي تخوّل لهم الاستفادة من عدد من الحقوق؛ منها حق الشغل. وقالت خديجة عناني إنّه فضلا عن عدم وضع آليات وإجراءات لإدماج المهاجرين في سوق الشغل، فإنّ "النسيج الاقتصادي المغربي المتسم بضعف القدرة على استيعاب اليد العامة يساهم بدوره في عدم إدماج المهاجرين في سوق الشغل، علاوة على أنّ أرباب العمل يفضلون تشغيل المهاجرين دون التصريح بهم (النّْوارْ) لمنحهم أجورا زهيدة، وتفاديا لتحمّل تكاليف انخراطهم في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي". وأضافت الفاعلة الحقوقية متحدثة عن عدد المهاجرين المُدمجين في السوق الشغل قائلة: "هذا الرقم ليس مفاجئا بالنسبة إلي، لأننا لا نتوفر على بنية للإدماج؛ ذلك أنّ قطاع التشغيل هش، ويتشكل بالأساس من المشاريع الصغيرة غير المهيكلة التي لا تقدر على استيعاب يد عاملة كثيرة". وترى عناني أنّ ضعف إدماج المهاجرين في سوق الشغل "ليس سوى انعكاس لفشل سياسة إدماجهم في مجالات أخرى، كالتعليم والصحة، لأنّ عملية تسوية وضعيتهم القانونية لم تواكبها إجراءات لإدماجهم الفعلي على أرض الواقع".