جلالة الملك يعين عددا من المسؤولين على رأس مؤسسات دستورية    نبذة عن عبد القادر عمارة الرئيس الجديد للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي    الحوض المائي اللوكوس.. 4 سدود تسجل معدل ملء يصل إلى 100 في المائة    "أكديطال" تفتتح منشأتها الصحية الرابعة والثلاثين في مدينة كلميم    مشاورات مع مستثمرين مغاربة واجانب لتنفيذ المشروع السياحي "كلايريس"    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    سعد موفق ل" رسالة 24 ": على الممثل أن يختار أدواره بعناية لتجنب النمطية    الكيحل من ستراسبورغ: ضرورة استعادة قيم الوحدة والتفاهم المتبادل واحترام العدالة وسيادة القانون    تفاصيل حادث "السيدة" التي ظهرت وهي تصفع رجل سلطة وما قررته النيابة العامة    بعد انتقاده ولوج النساء للمساجد.. "الأوقاف" تستفسر إماما باولاد تايمة    تفاصيل صفع سيدة ل"قائد" بمدينة تمارة    المنتخب الوطني لمواليد سنة 2000 فما فوق يفوز على غينيا    سلمى الشنواني تكشف حقيقة فيديو "إهانة طبال" في حفل فاس    المغرب يُخَلد اليوم العالمي لمحاربة داء السل    نيوزيلندا تتأهل إلى مونديال 2026    بورصة الدار البيضاء.. تداولات الافتتاح على وقع الأحمر    بن عبد الله وأوزين يضعان شكاية لدى "الهاكا" حول فيديو ترويجي "للمونديال وللحكومة"    مسلسل "الدم المشروك"… يثير الجدل بسبب بطء أحداثه    إسبانيا.. لاعب التنس المغربي كريم بناني يتألق في بطولة "جي 300" للناشئين بفيلينا    رونالدو يحقق إنجازا عالميا جديدا    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يعزز التحول الرقمي لتسهيل خدمات المؤمن لهم    محادثات أمريكية روسية في الرياض اليوم لبحث هدنة بحرية    أطباء بلا حدود تقول إن الفلسطينيين في الضفة الغربية في وضع "حرج للغاية"    أمطار وثلوج ورياح قوية مرتقبة اليوم الإثنين بعدد من مناطق المملكة    موقف ثابت من العدوان على غزة    اللجنة الفرنسية لدعم بوعلام صنصال تنظم تظاهرة في باريس، غدا الثلاثاء، للمطالبة بالإفراج عنه    جدل سياسي بأيت ملول.. رئيس الجماعة المنتمي لحزب الأحرار يمنع حزب الاستقلال من استغلال قاعة عمومية    مهرجان باريس للكتاب.. تفاصيل البرنامج الخاص بالمغرب    قصر المرادية يضع عنترياته جانبا بعد أن مرغ السياسة الخارجية للجزائر في التراب    مهنيون يعددون أسباب ارتفاع سعر البصل في أسواق الجملة بالمغرب    3 نقاط لا تكفي.. كم يحتاج المغرب للتأهل المباشر إلى مونديال 2026؟    مفاوضات جديدة تجمع روسيا وأمريكا    قتيل في إطلاق نار ودهس بإسرائيل    الرئيس ترامب يعلن تأييده للمرشح الجمهوري لمنصب شاغر في المحكمة العليا لولاية ويسكونسن    دوري الأمم الأوروبية: المنتخب الفرنسي يتأهل لنصف النهاية على حساب نظيره الكرواتي (ض.ت 5-4)    لاعب الغولف تايغر وودز يكشف عن علاقته العاطفية مع طليقة دونالد ترامب الابن    إتلاف أكثر من 500 كيلوغرام في تطوان من المواد غير الصالحة للاستهلاك منذ بداية رمضان    المغرب يخطط لبناء مطار في جنوب الصحراء لمكافحة الإرهاب في الساحل    اعتداء خطير على ضابط أمن ممتاز خلال حملة لتحرير الملك العمومي بالقصر الكبير    في تحد لجميع القوانين.. الجيش الإسرائيلي "الأكثر أخلاقية في العالم" يقصف مستشفى بقطاع غزة    جِيرَاندُو هَرَب    حرائق غابات جديدة في أمريكا تلتهم أكثر من 800 هكتار    دوري الأمم الأوروبية .. إسبانيا والبرتغال يعبران لنصف النهائي    بودشيش يدعو إلى تأطير المحتوى الرقمي    مهرجان باريس للكتاب يكشف عن برنامج المغرب كضيف شرف    مباراة الأسود وتنزانيا.. الموعد والقنوات الناقلة    قصر الفنون يصدح بالمديح والعرفان في ختام رمضانيات طنجة الكبرى    السل في المغرب.. 50% من الحالات رئوية و85% نسبة الكشف المبكر    حاتم البطيوي أمينا عاما لمؤسسة منتدى أصيلة    المجلس العلمي يحدد قيمة زكاة الفطر بالمغرب    حامي الدين: "الإبراهيمية" محاولة لاختلاق دين جديد لأغراض سياسية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفلا قرآنيا لتكريم الفائزين بالمسابقة القرآنية المحلية    شراكة تعزّز الوعي بصحة الفم بالمغرب    المجلس العلمي الأعلى يحدد مقدار زكاة الفطر لهذه السنة    المجلس العلمي الأعلى يرفع قيمة الزكاة في المغرب    منظمة الصحة العالمية تدعو لاتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة السل    صحة الصائم الجيدة رهينة بالتوازن في الأكل و النوم و شيء من الرياضة..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأب دانييل: كنائس المملكة تمتلئ بالمسيحيين .. وحرية التعبد مصانة

كاتدرائية القديس بطرس، أو "كنيسة الجولان" كما دأب على تسميتها الرّباطيون، مرجع مكاني لزوّار قلب العاصمة الرباط، وأكثر الكنائس ارتيادا بالمملكة.
يعود تأسيس هذه الكاتدرائية إلى سنة 1919، وتعرف اليوم حضور مسيحيين من جنسيات متعدّدة وطبقات اجتماعية مختلفة؛ من بينهم دبلوماسيون، وموظفون، وطلبةٌ من دول إفريقيا جنوب الصحراء وإفريقيا الوسطى، ومهاجرون قادمون من الدّول نفسها ينتظرون هدوء المياه.
الأب دانييل، أب كاتدرائية القدّيس بطرس، يتطلّع إلى رؤية يوم يشهد فيه "صلاةَ الناس مجتمعين من مختلف الاعتقادات كلٌّ بطريقته"، ويحسُّ بأنه كاثوليكي أكثر عندما يكون بالمغرب؛ لأن "الكاثوليكية" تعني العالمية، وهو ما يراه في قُدّاس الأحد الذي تجتمع فيه أكثر من أربعين جنسية.
التقت هسبريس بالأب دانييل وسألته عن قضية المسيحيين المغاربة التي دافعت عنها بعض الجمعيات من منطلق حرية الاعتقاد وحرية الضمير، بينما جعلتها جمعيات أخرى أصلا تجاريا. كما سَأَلَتْهُ عن وضعية المسيحيين من مختلف الجنسيات داخل البلد، وعن رؤْيتِه لمستقبَل التعايش بين معتنقي الديانات السماوية بالمملكة.
كيف ترى وضعية المسيحيين بالمغرب؟
وصلتُ إلى ما نُسمّيه "الرعيةَ الكاثوليكية" بالرباط بعدما أمضيت بضع سنوات بالدار البيضاء، وأظن أن الكنائس تمتلئ أكثر فأكثر بفضل حرية التعبّد التي تعترف بها المملكة للمسيحيين دائما، وهذه الحرية تمكّننا من عيش حياتنا المسيحية بطريقة جدّ حرّة في إطار احترام البلد الذي نعيشه به.
وبطبيعة الحال نحترم بعمقٍ الإيمانَ الإسلاميَّ للناس الذين يحيطون بنا، والذين حتّى يحفزون مسيحيين على أن يكونوا كذلك بشكل أكثر وأفضل؛ فالمؤذن الذي يؤذن 5 مرات في اليوم يوقظ (أذانه) عند الكثير من الناس ذوق وممارسة صلاةٍ بوتيرة أكبر، والانتظارُ الذي ندركه في الكثير من الأحيان من طرف المساهمين معنا أو محاورينا المغاربة حتى نكون حقيقة مسيحيين ليس فقط في صلاة الأحد، بل في طريقة عيشنا (...).
وصلتُ إلى هذه الجماعة الكاثوليكية بالرباط، ووجدت في الأحد كنيسةً ممتلئة بشكل جيّد بدبلوماسيين يقطنون المدينة، وبأوروبيين وغير أوروبيين قدماء عاشوا منذ مدة بالمغرب، وأيضا بالعديد من الطلبة الذين يأتون من العديد من الدول الإفريقية وهم فرحون بمتابعتهم دراسات عليا جادّة باللغة الفرنسية بالمغرب، ومسرورون لأنهم وجدوا هنا ما يشبه العائلة في استقبالهم.
ومن بين من وجدتهم أيضا بالكنيسة، مُغتربون قدموا من أجل قضاء بضع سنوات في شركات دولية، أو في مجال الخدمات، وأيضا أُناسٌ يحلمون بالعيش في أوروبا أو في الولايات المتحدة الأمريكية، وهم بالمغرب يتطلعُّون إلى عبور البحر، وكما هو حال الرّحّل أو المهاجرين في كثير من الأحيان، فهم مسكونون بمشروع قوي يشكل فيه إيمانهم محركا مُهمّا.
هل يمكن الحديث عن وجود تعايش بالمغرب؟
التعايش يتم على مدار الأيام، وأظن أنه بالنسبة للمسيحيين من أصل أوروبي، فهم يسكنون المغرب منذ وقت طويل، (...) وألاحظ أنه منذ بضع سنوات أصبح الاستقبالُ معتادا؛ لأن في المجتمع المغربي أناس يأتون من جنوب الصحراء، (...) (فتَتَكَوَّنُ) علاقات احترام تكون في بعض الأحيان علاقات صداقة، والعديد من الشباب يقولون لي إنهم دُعوا إلى تناول الكسكس في منزل والِدَي صديق من أصدقاء جامعتهم، والأمور سارت بشكل جيد، وإنهم سعداء لعيشهم هذه التجربة.
ألا يعيش معتنقو المسيحية مضايقات داخل المملكة؟
الشعب المغربي مثل جميع الشعوب العربية والأمازيغية يحب الاستضافة، وهذه الاستضافة مهمة. طبعا الشباب يقولون إن زملاءهم يريدونهم أن يصبحوا مسلمين، وربما هم أيضا في أعماق قلوبهم يودُّون لو أصبح أصدقاؤهم المسلِمُونَ مسيحيين.
ولكن لا يمكننا الحديث عن تعبير "مضايقات" الذي وظَّفْتَهُ، يجب أن نأخذ وقتا لنبني علاقات احترام، وأيضا لنُفهم الجماعة المسيحية أننا لسنا هنا لنُصَيِّرَ المسلمين مسيحيين، بل نحن هنا من أجل.. ما أحب أن أقوله لأصدقائكم المغاربة أنكم تحبون دائما قول "إن شاء الله" أو "إذا أراد الله"، "عندما يريد الله"، وحتى في صلاتنا للسيد المسيح أو "سيدنا عيسى"، نقول دائما: "أبانا لتكن إرادتك هي التي تتم"؛ وفي العمق هو الأمر نفسه، وبيننا نحن والآخرين نقومُ بإرادة الله، حيثما جاءَنَا، وحيثُما التقيْناه؛ أنتم في الإسلام، ونحن في الإيمان المسيحي، وأظن أن هذا أمر ضروري.
وفي وسط الجماعة الكاثوليكية ما يمسني كثيرا بالمغرب هو أننا نكون هنا كاثوليكيين أكثر من أي مكان آخر؛ لأن لفظ كاثوليكي يعني "عَالَمِي"، وعندما أحتفل بقُدَّاس الأحد في الكاتدرائية أجد 40 جنسية أمامي على الأقل، ودون شك، 4 قارات حاضرة. وهذا أمل للعالم؛ لأن تحدي العالم هو الأخوة.
فنرى أننا أغنياء بالحيطان التي توجد تقريبا في كل مكان، وأغنياء بالحدود وتأشيرات السفر؛ فكم يصعب على العديد من الناس هنا أن يحصلوا على تأشيرة دخول (إلى بعض البلدان)، وعمل الجماعة الكاثوليكية هو السعي إلى العالمية، وأن نسعى إلى أن تكْبُرَ الأخوة. فبين شعب يؤمن ب"الأمة"، التي يكون فيها التعاون، أصلا، مهما، نريد تحقيق هذا الانفتاح على بعد عالمي، حيث لا يكون الدين عائقا، بل على العكس .. من أجل الدخول في تواصل مع الآخرين، ومشاركة بعضنا البعض سعادةَ أن نؤمن بالله، إله يريد السلام، إذن أن تكون مختلفا فرصة لتتعلم حول السلام.
كيف تتلقون قضية المسلمين المغاربة سابقا الذين غيّروا دينهم إلى المسيحية؟
أعرف بعض الأشخاص الذين أصبحوا مسيحيين في أوروبا، ورجعوا من أوروبا إلى المغرب، وألتقيهِم. وأفَكّر (الآن) في شخص بالدار البيضاء مندمج بشكل كثيف في أعمال اجتماعية ولا يُظهرُ إيمانه المسيحي، بل يعلن عن حبّه للإنسانية، خصوصا للناس الأكثر فقرا، وأظن أن هذا الشخص يجرُّ وراءه أشخاصا من مختلف الأديان في سبيل الشباب، والتعليم، وأظن أن هذا أمر مهم.
كما أَلتقي بوتيرة منتظمة أشخاصا يودون أن يعرفوا ما الذي تعنيه المسيحية، وأشرح لهم قليلا ذلك، ولكننا لسنا هنا لصرف الانتباه (جعلهم يحيدون عن سكة: dévoyer) عن الطريق التي عرضها الله علينا لِلُقياهُ.
أعرف أننا نتحدث عن المسيحيين المغاربة، ولكنهم لا يطرقون أبواب الكنيسة الكاثوليكية؛ إذن لست فعلا مخوَّلا لأحدثكم عنهم، رغم أنني أنفتح على لقاء الجميع.
كيف ترى مستقبل التعايش بين الديانات التوحيدية بالمغرب؟
ليس التعاون بين الديانات هو ما يهمني، بل التعاون بين المؤمنين والالتقاء بينهم؛ لأن الديانات غير موجودة (بذاتها) بل المؤمنون. وأظن أن هناك فرصة كبيرة للمغرب للانفتاح، ودينامية الملك في إفريقيا جنوب الصحراء ستجعل بعض المغاربة يذهبون إلى دول لا يوجد بها إجماع حول معتقد ديني واحد.
وجميلة جدا الحماسة المغربية حول الإسلام، والقليل جدا من اليهودية جميلة ومؤثرة، ولكنها استثناء في العالم؛ لأن هناك بلدانا قليلة مثل المغرب الآن.
وترجع ضرورة الانفتاح على الآخرين إلى كون الإيمان في اعتقادي خلق من أجل أن يعطينا الثقة في قدرتنا على الانفتاح على الآخرين، لا لنجعلهم مثلنا. ويعجبني كثيرا القانون الوحيد الذي تركه لنا السيد المسيح في الأخير، كمسيحيين ولكن أيضا لجميع الناس، وهو "أحبوا بعضكم بعضا"، والإغراء العظيم في الحياة هو أن "نحب أنفسنا" ومن هم في مجموعتنا، وهذا تعلمته حقيقة بالمغرب: أحبَّ الآخر، لا ليصبح مثلك، بل أحبَّه لشخصيته، ولأن له شيئا يقوله لك.
وتعرف دون شك أننا سنعلن قريبا قداسة الأشخاص الذين أعطوا حياتهم في سبيل الرب بالجزائر، وقتلوا بجبن، وكان عندهم هذا المثل الجميل الذي يقول: "لأكْبُرَ في الحقيقة أنا في حاجة إلى حقيقة الآخر"، والحَقيقَةُ الحقيقيَّةُ هي حقيقةُ أن أُحب، وحقيقة أن أبني السلام، وليست حقيقة إيديولوجية، أو خيالية، أو دغمائية، بل هي الدخول في إنسانية حقيقية، وطريقة حقيقية لأن نكون حقيقة "إنسانا". وأرغب كثيرا في هذا، وأعمل قليلا من جهتي حتى نساعد بعضنا لنكون "أناسا" حقيقة وفق تقاليدنا التي تلقَّيناها، وأن نكون "أناسا حقيقة" عبر تحلّينا حقيقة بقيم الأخوة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.