قرأت في منبر هسبريس الموقر هذا، مقالة لوائل بورشاشن حول مشروع "عربية الأعمال..." وهي مقالة هادئة ابتعدت عن القيل والقال في اللغات، وقدمتْ تجربة لإنسان يهتم بنوع من المعارفة. وهذا هو المنهج الذي علينا أن نتبعه الآن في نقاشنا حول مواضيع جادة وتهم مستقبل الأمة والأجيال. وفوجئت بالتعاليق حول هذه المقالة المسالمة، وجل هذه التعاليق لا يدخل في باب العلم في شيء، وجلها وراءه خلفيات لا علم فيها. ونأمل من إخوتنا في الوطن، أن يناقشوا ما هو علمي بالعلم، لأنهم إذ ذاك سيسهمون في بناء الوطن الذي يحبونه أكثر من غيرهم. لما قرأت ردودهم وما أبانوا فيها من رأي حول اللغة العالمة ولغة المعرفة واعتبارهم اللغة العربية أفقر اللغات في العلم، ووو. قلت لعل غيرتهم أتت عن جهل بما كان للعربية من شأن في لغة العلوم، وبما في مخزونها اليَوْمَ من ثروة مصطلحية أسهم في إعدادها مئات من المختصين في مختلف العلوم الدقيقة واللسانيين والمعجمين والمترجمين المنظرين. وأعتقد أن الأسلم اليوم، هو تقديم نماذج من المشاريع العلمية الرزينة فيما يتهيأ للعربية من قدرات، أو الإتيان ببحوث علمية موثقة تثبت عجزها عن القيام بذلك، وهذا هو ما يجب أن يكتب في منبر "هسبريس" الموقرة . وفي هذا الإطار، إطار تقديم مؤهلات اللغة العربية وجهود علمائها العاملين، أعيد نشر مقالة سبق أن نشرتها في صحيفة مغربية، على إثر يوم دراسي جرت وقائعه في مجلس المستشارين، في إطار مناقشة "مشروع المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية". كان هدفي من هذه المقالة، إبداء رأيي في موضوع المشروع، ولكن كان قصدي الأول، أن أبين مجهود هذا الوطن بمعية جلة من العلماء والباحثين من دول مختلفة، في تطوير العربية وجعلها قادرة على صنع المعرفة، وذلك بتوفير المصطلح العلمي الدقيق في مختلف العلوم. وأعتبر إعادة نشر هذه المقالة كما هي، مساهمة في النقاش البناء البعيد عن الخلفيات، وذلك بعرض المعجمات العلمية المختلفة، ليعلم بها من يجهل أمرها. أعلم أن كثيراً ممن لا زاد لهم فيما نخوض فيه، والذين يناصرون عن غير معرفة، استعمال لغة كذا أو كذا باعتبارها أصلح للعلم، سيأخذون الكلمة من جديد. نرجو منهم شيئاً واحداً، ذاك هو ترك جملهم المكررة التي لا تنظر إطلاقاً في عمق الموضوع، وتكتفي بإثارة النعرة والشتم. وأقول لهم مقدماً إن الأمازيغية والدارجة لغتان رائعتان، وهما لغتا عواطف بامتياز، وهما عريقتان وجميلتان وأعشقهما عشق من يحب وطنه في كليته، فقط: أدعو من يحبهما مثلي إلى تكثيف الجهود، لنضع فيهما مثل ما سَيَرد من معاجم علمية عربية فصيحة غطت كل العلوم. إخوتي الكرام ممن يدافع عن هاتين اللغتين- وأسميهما "لغتين" ولا أبالي بمن يقول إن هذا الرجل لا يفرق بين "اللهجة" و"اللغة" فهذا أمر يعنيني- أقول لإخوتي هؤلاء، تعالوا نوفر لهاتين اللغتين ما هو متوفر في هذه المعجمات ولنخض بهما العلم على بركة الله. وقدموا مشاريعكم بدل أي تعليق لا يفيد، ونِعْمَ المواطنة. وهذه مقالتي: [....] شغلتني فقرات كثيرة من نص هذا المشروع "مشروع المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية"، وهي فقرات مُنْبَتَّة في جماع المشروع، وتتعلق بحماية وبتنمية اللغة، وأقصد هنا اللغة العربية، وهي التي سينصب حولها حديثي. وأترك باقي لغاتنا العزيزة لمختصيها. .... إن الذين اهتموا بأمر تنمية اللغة العربية وحمايتها في هذا المشروع، بدؤوا دون أن ينطلقوا أو يتذكروا أنه كان حَرِيّاً بهم في عملهم هذا، أن لا ينسوا جهوداً كبيرة بدأها أعلام من المغاربة مع بداية الاستقلال، وبمعية محرر البلاد محمد الخامس رحمه الله وجازاه، عندما رأوا أن التحرر الحقيقي، لا يعني إخراج المستعمر من البلاد، ولكن يعني إخراج صناعته الفكرية والاقتصادية بلغته من البلاد. فأسسوا "مكتب تنسيق التعريب"، وكان في أصله مغربياً أريد منه تعريب الإدارة. إن الحديث عن مكتب تنسيق التعريب، باعتباره جهازاً وضعه مؤسسه محمد الخامس، مع جلة من العلماء، لتنمية اللغة وتطويرها، أمر ضروري لكي لا يفهم الناس أن ما ورد في هذا المشروع اليوم، هو حجر الأس، وأننا لا نملك تاريخاً مقدساً لمؤسساتنا اللغوية، بل إننا نهدم هذا الصرح أصلا، عندما ندعو في هذا المشروع إلى "هدم" بنيان "معهد الأبحاث والدراسات للتعريب" وإزالته. لقد كان اسم هذه المؤسسة في الأصل هو "مكتب تنسيق التعريب". واشتغل ردحأ من الزمن بهذه الصفة المغربية، وكان يقوم بمهام تعريب الإدارة ووضع المصطلحات العلمية، وتعريب المؤلفات العلمية والتدريسية، وكان يراقب كتابات الواجهات الإعلامية والتجارية التي ترفع على المؤسسات بل والدكاكين، لتكون سليمة في لغتها، ثم صار "جهازاً عربياً متخصصاً، يُعنى بتنسيق جهود الدول العربية في مجال تعريب المصطلحات الحديثة من أجل توحيد المصطلح على مستوى الأمة، والمساهمة الفعالة في استعمال اللغة العربية في الحياة العامة وفي جميع مراحل التعليم وفي كل الأنشطة الثقافية والعلمية والإعلامية، ومتابعة حركة التعريب في جميع التخصصات العلمية والتقنية". واستقلت الجامعة المغربية بالمؤسسة الأم وأطلقت عليها اسم "معهد الأبحاث والدراسات للتعريب". استقلت هذه المؤسسة بالبحث التنظيري والمعجمي، على مدى ست وخمسين سنة، وجمعت ثروة هائلة من البحوث اللغوية والمعجمية والدراسات التربوية، وأشرف عليها واشتغل بها جلة من كبار المختصين المغاربة، وظل عملها يسير بموازاة مع جهود "مكتب تنسيق التعريب" الذي أخذ صفته العربية، في مؤتمر التعريب الأول الذي انعقد بالرباط سنة 1961. ونظراً لهذا التداخل التاريخي في نشأة المؤسستين، ولأن "مكتب تنسيق التعريب"، على الرغم من كونه أصبح تابعاً للجامعة العربية سنة 1969، ثم للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، سنة 1972، فإن كل مديريه وجل الأعمال المعجمية الآتي ذكرها، وضعها لغويون وعلماء مغاربة، ينتسبون إلى الجامعات المغربية وفي مختلف العلوم الحقة. لقد كرست المؤسستان جهدهما لتنمية اللغة العربية وتسهيلها ووضع المصطلح العلمي. ويكفي أن نلحظ مهام "مكتب تنسيق التعريب" وما وضعه من معاجم وما أشرف عليه من بحوث في اللغة والترجمة ومشاريع المعجمات، لنعرف عظمة البنيان الذي أغمضنا عنه العين، بل يمكن القول إن في بعض ممن وضعوا المشروع من سار على نهج محاولة تعجيم تعليمنا وحياتنا العامة، والإيحاء بأن اللغة العربية عاجزة عن أن تقوم بمهامها في صناعة المعرفة، وقد فعلت ذلك من قبل، وفي أعلى مستويات الفكر والاختراع. ولهذه الحالة النفسية، عن إدراك أو غير إدراك، لم توضع في الحسبان كل هاتيكم الجهود المشار إليها أثناء وضع "مشروع القانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية"، على الأقل فيما يتعلق بذخيرتنا العربية. لقد تحمل مكتب تنسيق التعريب، المسكوت عن جهوده، وهي مغربية في البدء، ومغربية اليوم في التدبير والتسيير والإقامة، مهامَ كبيرة تمثلت في: "أ- تنسيق الجهود التي تبذل للتوسع في استعمال اللغة العربية في التدريس بجميع مراحل التعليم وأنواعه ومواده، وفي الأجهزة الثقافية ووسائل الإعلام المختلفة. ب- تتبع حركة التعريب وتطور اللغة العربية العلمية والحضارية في الوطن العربي وخارجه بجمع الدراسات المتعلقة بهذا الموضوع ونشرها أو التعريف بها. ج- تنسيق الجهود التي تبذل لإغناء اللغة العربية بالمصطلحات الحديثة ولتوحيد المصطلح العلمي والحضاري في الوطن العربي بكل الوسائل الممكنة. د- الإعداد للمؤتمرات الدورية للتعريب". (وكان يحضر هذه المؤتمرات التي ما زالت تنعقد حتى اليوم، وزراء التعليم أو الثقافة العرب لتقديم السند السياسي لهذه المعجمات). ... وأتحدث عن مكتب تنسيق التعريب، بصفتي كنت أحد مسيريه ردحاً من الزمان، وعشت أجمل فتراته وأصعبها، وأُنجز في هذه الفترة أكثر من خمس وعشرين في المائة من معاجمه. وما أكتبه في هذه المقالة، هو مختصر لعديد من التحارير التي كنت حررتها وأنا أزاول هذه المسؤولية. أما ما ورثناه عن "معهد الأبحاث والدراسات للتعريب"، وعن الرمزية التي تمثلها هذه المؤسسة، فآمل أن يبرزها للناس اليوم، المسئولُ عن المؤسسة، وهم والحمد لله من القادرين على فعل ذلك في أبهى الصور. ذلك أن رمزية المرحوم أحمد غزال -وطاقم من الباحثين المجدين- وجهوده المضنية من أجل خدمة اللغة العربية، تنظيراً ومصطلحا وآلة أيضا، هي معالم من معالم حماية اللغة العربية وتنميتها. ويكفي أن نذكر له إبداعاته من أجل إيجاد آلة كاتبة تمكن من تبسيط رقن اللغة العربية وكل اللغات الإفريقية، في زمن لم يبلغ فيه الحاسوب ما بلغ اليوم بالنسبة للعربية وقضاياها. وبالمناسبة، فأحمد الأخضر غزال، هو صاحب مصطلح "الحاسوب" الذي أصبح اليوم على كل لسان، وهو صاحب "الناسوخ)= الفاكس، وهو صاحب "النافوض" =اسكانير، وهو صاحب مئات من مثل هذه. أليس حراما أن نهدم صومعته التي تأمل فيها جل ما صنعته هذه المؤسسة من أجل "حماية وتنمية الغة العربية"؟ أليس نتاج هذين المؤسستين هو: الأُسُس التي ستربحنا الوقت؟ الأُسُس المُنْبَنِيَّة على جهاد جهابذه من كبار اللغة، بل اللغات والعلوم؟ أليست هذه الذخيرة التي أصبحت اليوم مخزنة في بنك لغوي يتصف بكل المواصفات العلمية، بل أصبحت معتمدا لدى الدول الغربية نفسها، أولى من انتظار ما سينتج عن شيء نفكر في بُنْيناه دون النظر في جهد الأمة وجهد علمائها على مدى تجاوز نصف قرن، وبمال كثير كثير مستحق؟ لا ينبغي أن نمحو كل هذا ونبدأ تجربة لعل ثمنها يكون غال يفرح من يناصب هذه اللغة العداء، ولعله عن براءة. إذاً ماذا هيأ لنا "مكتب تنسيق التعريب" الذي جسم إرادة محمد الخامس من أجل العربية لحماية اللغة وتنميتها؟ ألا يمكن أن نقول إنه انتهى من تنمية ما نحتاجه حتى الآن ويزيد وما علينا إلا أن نستثمره؟ وما ذا هيأ؟ هذه هي الحصيلة التي لا يمكن أن تصل إليها المؤسسة المقترحة إلا بعد عقود من الجهد والكد وخرط القتاد، وهي في كل العلوم. نَغُضُّ الطرف هنا عن آلاف المصطلحات التي وردت في مجلة اللسان العربي، التي تجاوز عمرها تصف قرن، والتي تضمنت المئات المئات من البحوث اللغوية وتقنيات الترجمة والمعجمية التنظيرية والبحوث في تبسيط قواعد اللغة وغير ذلك. ونورد مسرداً بما أنجزه المكتب في كل فروع المعرفة: 1- المعجم الموحد لمصطلحات اللسانيات، 19681، (3059 مصطلحاً) (أعيد طبعه) 2-المعجم الموحد لمصطلحات الفيزياء العامة والنووية،1989،(6318) 3- المعجم الموحد لمصطلحات الرياضيات (م3431) و(الفلك 643). 1990. 4- المعجم الموحد لمصطلحات الموسيقى، 1992، (846 م). 5- المعجم الموحد لمصطلحات الكيمياء، 1992، (4535 م). 6-المعجم الموحد لمصطلحات علم الصحة وجسم الإنسان،1992، (2146م). 7- المعجم الموحد لمصطلحات الآثار والتاريخ، 1993، (3018 م). 8- المعجم الموحد لمصطلحات علم الأحياء، 1994، (6596 م). 9- المعجم الموحد لمصطلحات الجغرافيا، 1994، (2701 م). 10- المعجم الموحد لمصطلحات التجارة والمحاسبة ، 1995،(8846). 11- المعجم الموحد لمصطلحات الطاقات المتجددة ، 1996، (1180). 12- المعجم الموحد لمصطلحات التعليم التقني (كهرباء- طباعة)، 1996، (1383 م) ج 1. 12- المعجم الموحد لمصطلحات التعليم التقني (البناء والنجارة) 1996 (3734 م) ج 2 13- المعجم الموحد لمصطلحات العلوم الإنسانية ، 1997، (1740م). 14- المعجم الموحد لمصطلحات القانون، 1996 (1588 م). 15- المعجم الموحد لمصطلحات السياحة، 1996 (3121 م). 16 - المعجم الموحد لمصطلحات الزلازل، 1996 (1962 م). 17- المعجم الموحد لمصطلحات الاقتصاد، 2000(2039 م). 18- المعجم الموحد لمصطلحات الجيولوجيا، 2000(4623 م). 19- المعجم الموحد لمصطلحات النفط (البترول)، 1999، (6089 م). 20- المعجم الموحد لمصطلحات البيئة، 1999، (1747 م). 21- المعجم الموحد لمصطلحات الهندسة الميكانيكية، 1999،(2828 م). 22 - المعجم الموحد لمصطلحات الفنون التشكيلية، 1999، (1524 م). 23- المعجم الموحد لمصطلحات الإعلام، 1999، (3428 م). و2012 (4055م) 24 - المعجم الموحد لمصطلحات التقنيات التربوية، 1999، (1314م). 25- المعجم الموحد لمصطلحات الأرصاد الجوية، 1999، (2031). 26- المعجم الموحد لمصطلحات المياه، 2000، (2190 م). 27 - المعجم الموحد لمصطلحات المعلوماتية، 2000، (3208 م). 28- المعجم الموحد لمصطلحات الاستشعار عن بعد، 2000، (1196). 29 المعجم الموحد لمصطلحات علوم البحار، 2000، (3913 م). 30- المعجم الموحد لمصطلحات الحرب الإلكترونية، 2004، (1021). 31- المعجم الموحد لمصطلحات تقانات الأغذية، 2004، (2683 م). 32 - المعجم الموحد لمصطلحات علم الوراثة، 2009، (2482). 33- 30- المعجم الموحد لمصطلحات علم الصيدلة، 2009، (3686). 34- المعجم الموحد لمصطلحات الطب لبيطري، 2010، (2741). 35- المعجم الموحد لمصطلحات النقل، 2010، (3224). 36- المعجم الموحد لمصطلحات تقانة 'تكنواوجيا) المعلومات، 2011، (1369). 37- المعجم الموحد لمصطلحات التواصل اللغوي، 2011، (2024). 38- المعجم الموحد لمصطلحات الهندسة المدنية (2012) يتضمن: الهندسة الصحية والبيئية (1417م). الهندسة المساحية (921م). الهندسة الانشائية (787م). الهندسة الجيوتقنية (818م). 39- المعجم الموحد لمصطلحات التقنيات التربوية، 2015 (1248). 40- المعجم الموحد لمصطلحات الآداب المعاصرة، 2015، )1436). 41- المعجم الموحد لمصطلحات محو الأمية وتعليم الكبار، 2015 (481). 42 -المعجم الموحد للمصطلحات التربوية في مرحلة الطفولة المبكرة ورياض الأطفال 2018 (597م). بلغ عدد مصطلحات هذه المعجمات ألافاً وآلافاً من المصطلحات، وقد أُعِدت المعجمات بعناية مختصين اعتمدوا من ضمن ما اعتمدوا، جهود المجامع اللغوية العربية والمؤسسات المهتمة بالمعجمات والمصطلحات والصناعة اللغوية، عربية وغير عربية، وتميز إعداد المعجمات بالعمل الجماعي الذي تبدأه مجموعة من الباحثين من دول مختلفة، ثم تراجعه مجموعات أخرى في ندوات مختصة تعقد عادة في مجمع من مجامع اللغة العربية. ولم تصبح هذه المعجمات معترفاً بها رسميا إلا بعد مصادقة مؤتمرات التعريب التي تعتبر غطاء سياسياً يستوجب، من الناحية النظرية، استعمال المعجم في كافة الوطن العربي. كل هذه المعجمات ثلاثية اللغة (بعضها رباعي بإضافة الألمانية) فالمدخل والترتيب إنجليزي، وأسفله المصطلح بالفرنسية، ومقابلهما المصطلح العربي. ويأتي بعد الترتيب الإنجليزي الفهرست الفرنسي مرتباً ترتيباً هجائياً وفي مقابل كل مصطلح الرقم التسلسلي، ثم الفهرست العربي مرتباً ترتيباً هجائياً، ومقابله أيضاً الرقم التسلسلي. وجماع هذه المعجمات يكوِّن أساس المعارف الإنسانية حسب التصنيف الدولي المتعارف عليه. ويصب هذا المجهود كله في إطار الإعداد للمعجم العلمي العام الذي يفرض على المكتب أن يعود إلى التفريعات الدقيقة لكل علم علم، مع مراجعة معجم كل علم من العلوم المذكورة أعلاه، نظراً لتجدد المعارف ونظراً لما يطرأ على النظريات والأبحاث والاختراعات من طارئ لم يعد في مقدور أي مخطط أن يعرف مداه أو منتهاه. وهذه هي مهمة مجمع اللغة العربية المغربي، الذي لا يمكن أن يتمثل في مجموعة من الناس، تتغير بعد مرور بضع سنين، وكأنهم موظفو مكتب من المكاتب. هذه الذخيرة العظمى، وتراث "معهد الأبحاث والدراسات للتعريب"، يستوجبان وجود مجمع بالمعنى المتعارف عند الأمم المتقدمة، ويكون أعضاؤه "خالدين"، كُلُّ هَمِّهم، في يقظتهم ونومهم، في تفكيرهم وحلمهم، هو الحفاظ والعناية باللغة العربية في كامل نضجها، خصوصاً وأن العربية من الوجهة التاريخية والتراثية والقدرة على صناعة المعرفة، مرت بكل مراحل اليفاعة ومكنت الإنسان من صنع حضارة، تكفينا علومُها وما شهد به من نَهَلَ من معارف هذه اللغة الكلامَ في شأنها.