يشكل عيد الأضحى لحظة مميزة ومناسبة لتوطيد الأواصر الأسرية والإنسانية لولا أنها تتحول بالنسبة للبعض، جهلا أو إهمالا، الى فترة مركزة من الممارسات المضرة بالصحة خصوصا لدى عشاق "الشواء". ومن أجل تقديم بعض الإيضاحات حول نمط التغذية وطرق الطبخ المناسبة وكذا طمأنة الأصوات التي تبث خوفا مبالغا فيه من لحم الغنم، اتصلت وكالة المغرب العربي للأنباء بالكاتب العام للجمعية المغربية للتغذية ومدير الوحدة المختلطة للبحوث في التغذية بجامعة ابن طفيل، البروفيسور حسن أكناو الذي حاول، من خلال مقاربة علمية، توضيح بعض القضايا ذات الطابع الصحي. وبالنسبة للبروفيسور أكناو، فإن الكمية القصوى لاستهلاك اللحوم الحمراء، تحت طائلة الإصابة بسرطان القولون والمستقيم والرئة والمريء والكبد وكذا أمراض القلب والشرايين، لا ينبغي أن تتجاوز 500 غرام من اللحوم المطبوخة أسبوعيا، أي حوالي 700 إلى 750 غرام من اللحم النيء. وأوضح أنه من الممكن تجنب الإصابة ب 41 في المائة من أمراض السرطان بفضل تغذية سليمة ومتوازنة. وفي حديثه للوكالة قبيل حلول عيد الأضحى، قال البروفيسور أكناو إن المرضى المصابين بالنقرس (داء يصيب المفاصل) أو السمنة مطالبون بتناول اللحوم باعتدال كبير خلال هذه الأيام وباقي السنة، معتبرا أن إشكالية تفاقم أمراض السرطان المرتبطة بالتغذية تعزى الى طريقة الطبخ لدى المغاربة. يوضح البروفيسور أنه "حينما يتم شي "قطع اللحم الملفوف بالشحم" "بولفاف" تتشكل طائفة من العناصر الكيماوية الخطيرة. وبعد تناول لحم الخروف المشوي، يمتص الجسم هذه العناصر الكيماوية. ثم تلتصق بالحمض النووي وقد تتسبب في بداية مرض سرطاني، مضيفا أنه في قلب قطع اللحم المشوي نفسه تتركز هذه المركبات المسرطنة الناجمة عن عملية الشواء وهي الأمينات العطرية غير المتجانسة المدعوة أيضا ب "هاش سي أ" و"هاش أأ". وأوضح أن قطرات الشحم المذاب من تشكيلة شواء "بولفاف" تمثل قسما آخر من المركبات المسرطنة المتشكلة خلال عملية الشواء وهي الهايدروكاربونيات العطرية، المدعوة "هاش أ بي"، مسجلا أن هذه المركبات لا تتكون في اللحم وإنما بعد أن تتساقط قطرات الشحم المذاب على قطع الجمر لتتصاعد أبخرتها وتتشربها قطع اللحم أثناء عملية الشواء. ولهذا السبب يوصي البوفيسور أكناو بتخليص قطع اللحم من الشحوم خلال عملية الشواء للتخفيف من تساقط قطرات الشحم المذاب على الجمر والحد من تصاعد تلك المركبات المسرطنة مع الأبخرة، وباختيار أصغر قطع اللحم للشواء تفاديا لطول مدة الطهي وتقليصا لحجم المركبات الناجمة عن عملية الشواء، مع تتبيل القطع المعدة للشواء لما في ذلك من تقليص أكثر من 90 في المائة من مركب "هاش سي أ". وقال أيضا إن الدراسات بينت أن تسخين اللحم في جهاز التسخين المنزلي (الميكرو أوند) قبل عملية الشواء يخلص اللحوم من نسبة هامة من المواد المضرة. وحذر أيضا من مخاطر الزيادة في حجم مركب "هاش سي أ" نتيجة حرارة شواء منخفضة ومدة أطول في عملية الطهي، موصيا بعدم استغلال المرق الناتج عن عملية الشواء لما يمثله من تركيز كبير وضار لمركب "هاش سي أ". يذكر أن المغرب يسجل استهلاك 7ر11 كلغ لكل مواطن سنويا، منها ثلاثة الى أربعة كيلوغرامات من لحوم الغنم وأزيد من ثماني كيلوغرامات من الدواجن. وفي أوروبا يبلغ استهلاك اللحوم الحمراء 66 كلغ لكل مواطن سنويا وأزيد من 21 كلغ من الدواجن بينما يصل في الولاياتالمتحدة هذا المعدل الى 74 كلغ سنويا بالنسبة للحوم الحمراء وأزيد من 48 كلغ من الدواجن.