أثارت الندوة الدولية التي تعتزم المحكمة الدستورية تنظيمها بشراكة مع أكاديمية المملكة المغربية، يومي 27 و28 شتنبر الجاري بقصر المؤتمرات بمدينة مراكش، غضب أساتذة القانون الدستوري بالمغرب، بعد تغييب هذه الفئة من محاور الندوة المنظمة تحت شعار: ''الولوج إلى العدالة الدستورية.. الرهانات الجديدة للمراقبة الدستورية اللاحقة". واحتج كل من عبد الرحيم المنار اسليمي، أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق أكدال، وحسن طارق، أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق بالسويسي، على برنامج الندوة الدولية، بتذكير رئيس المحكمة الدستورية بوجود كليات العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمغرب. وقال الباحثان، في رسالة احتجاجية توصلت جريدة هسبريس الإلكترونية بنسخة منها، "يوجد في المغرب شيء اسمه كليات العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، والكليات متعددة التخصصات، حيث يدرس القانون العام وضمنه مواد تهم حقل القانون الدستوري". "في هذه المؤسسات عدد كبير من السادة أساتذة القانون الدستوري المزاولين، من أجيال متعددة، يجتهدون تدريسا وبحثا في نقل المعرفة الأساسية الخاصة بهذا الحقل وفي مواكبة تحولاته الوطنية والدولية"، تُورد الرسالة التي أشارت إلى "مساهمة عدد وافر من هؤلاء الزملاء في إغناء الحوار العمومي وفي تغذية النقاش الوطني حول أداء المؤسسات وفعالية نموذجنا الدستوري". وتابع اسليمي وطارق: "نقدم لكم السيد الرئيس هذه المعلومات، التي يبدو أنها غيبت عنكم لحظة مصادقتكم على برنامج ندوتكم الدولية، علها تنفع في الجواب عن أسئلة محتملة قد يطرحها أساتذة جامعيون يدرسون القانون الدستوري قادمين من الصين أو من ألمانيا، وقد ينتبهون إلى غياب أي أستاذ مغربي يدرس المادة من قائمة أزيد من أربعين متدخلا؛ من بينهم محامون وقضاة وأطر إدارية". وفي تصريح لهسبريس، قال اسليمي: "من الصعب جدا قبول هذا السلوك الاقصائي لكل أساتذة القانون الدستوري في كليات الحقوق بالمغرب، سواء بالمشاركة بمداخلات أو على الأقل بالحضور"، معتبراً أن "الخطوة تتعلق بإقصاء وعدم الاعتراف بجيل يساهم منذ سنة 2011 وقبلها في التواصل حول القضايا الدستورية ونشر الثقافة الدستورية وتقديم النموذج الدستوري المغربي والمرافعة حوله وطنيا ودوليا". وأضاف المتحدث: "نشعر بأننا لسنا مغاربة بهذا الإقصاء، وهو سلوك خطير لا يمكن السكوت عنه؛ فالذين وضعوا البرنامج ووجهوا الدعوات يبدو أنهم لا يعترفون بحقل القانون الدستوري المغربي بكل أساتذته الذين غالبيتهم شباب، ولا أعتقد أنهم يملكون الحجج للرد على هذا الإقصاء". واعتبر أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق أكدال أن هناك استهدافا للأساتذة، قائلا: "من الواضح أنه (الاقصاء) مقصود وسبق أن مورس في مؤسسة أخرى ويتم نقله الآن إلى المحكمة الدستورية، وهو سلوك مرتبط بصراع وعدم الاعتراف بجيل من أساتذة القانون الدستوري والعلوم السياسية"، وتساءل باستنكار: "هل يعقل أن توضع مؤسسة دستورية في حرب مع جيل من أساتذة القانون الدستوري يفترض أن يكونوا سندا لها؟". من جهته قال حسن طارق، إن "ما وقع عبارة عن فضيحة حقيقية لأن المغرب الذي أسند إلى أبنائه من جامعيين وحقوقيين وخبراء مهمة المساهمة في صياغة الدستور، ينظم ندوة دولية دون إشراك للجامعيين". واستطرد الأستاذ الجامعي، في تصريح لهسسبريس، "ما وقع إهانة غير مقبولة لكل أساتذة القانون الدستوري في المغرب، وسبة في وجه كليات الحقوق وشعبة القانون العام"، مشيرا إلى أنه "من الجميل أن يحضر متدخلون من روندا، وافريقيا الوسطى، والدومنيك، والكوت ديفوار، لكن من غير المقبول ألا يحضر جامعيون من وجدة وتازة و طنجة". "من أسهم في إغناء النقاش العام حول هذا الدستور؟ من نظم الندوات حوله، من أصدر عشرات المؤلفات والمقالات حوله؟ إنهم أساتذة القانون الدستوري الذين تجاهلتهم المحكمة الدستورية في ندوة دولية تحت الرعاية السامية لجلالة الملك"، يٌورد الباحث نفسه. وكان بلاغ للمحكمة الدستورية أفاد بأن هذه الندوة الدولية التي تنظم تحت الرعاية الملكية، ستعرف مشاركة رؤساء وأعضاء يمثلون المحاكم والمجالس الدستورية لأكثر من 60 دولة من مختلف القارات، إلى جانب رؤساء وأمناء الاتحادات القارية ذات الصلة، فضلا عن مشاركة شخصيات مغربية مرموقة.