دعت جمعيات تابعة للبوليساريو إلى تنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر القنصلية العامة للمملكة المغربية بإقليم بيلباو ضد ما أسمته "انتهاكات حقوق الإنسان" التي يتعّرض لها أبناء جلدتهم بالأقاليم الجنوبية. وعرفت المظاهرة، التي دعت إليها جمعيات "الجالية الصحراوية ببلباو وفيتوريا" أمام القنصلية العامة للمملكة بالإقليم ذاته، عزوف الصحراويين الحاملين لمطلب الاستقلال والمقيمين بإقليم البيلباو الإسباني عن المشاركة في الشكل الاحتجاجي، الذي لم يكن متوافقا مع خيالات رواد هذه الحركات. الآلة الإعلامية التابعة للبوليساريو ذكرت أن الحضور المحتشم للموالين لها أمام مقر القنصلية العامة للمملكة أكد بالواضح أنه لم يعكس حجم الكثافة السكانية لحاملي الطرح الانفصالي بالإقليم الإسباني، والذي يعد أهم حاضن لعائلات وأبناء عمومة قياديي جبهة البوليساريو ومقربيهم. وفي مقابل ذلك، نظم الصحراويون المدافعون عن الوحدة الترابية للمملكة والمقيمون بالإقليم ذاته "وقفة مضادة" أغاضت الانفصاليين الذين بادروا إلى خلق مشاحنات داخل صفوف الوحدويين، الذين فاقوهم عددا، انتهت بتهديدهم وتعريض حياتهم وحياة أبنائهم للخطر. وفي هذا الصدد، أكد محمد ولد العروسي ولد محمد، الملقب ب"مولاي ولد أزلي"، المقاتل السابق في جبهة البوليساريو والعائد إلى أرض الوطن، أن "الوقفة التي نظمها مجموعة قليلة من الموالين للبوليساريو أمام مقر القنصلية العامة للمملكة المغربية أظهرت فشل السياسات التأطيرية لقيادة البوليساريو"، لافتا إلى أن "الحضور الهزيل الذي حضر الوقفة عكس حقيقة الوضع السياسي داخل أوساط الجالية". وأضاف المقاتل السابق بالناحية الثانية "الفيلق الأول" بجبهة البوليساريو والذي يعيش حاليا بالديار الإسبانية، في تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الجالية الصحراوية باتت تعيش "تمردا مسبوقا" على سياسات وقرارات قيادة جبهة البوليساريو، مشيرا إلى أنهم ملوا فعليا من الوضع القائم وعيشهم في الشتات بعيدا عن عوائلهم ووطنهم الأم". وسجل ولد أزلي أن الانقسام والشرخ الحاصل في قناعات الصحراويين اليوم بالباسك ناتج عن كشفهم لحقيقة البوليساريو وقيادييها، ووعيهم التام بعدم وجود أي حل لقضية الصحراء في الأفق القريب، وهو الشيء الذي أكده عزوف غالبيتهم عن حضور المظاهرة المنظمة، يضيف المتحدث. ويعزو أغلب متتبعي خبايا الملف الحضور الباهت للانفصاليين أمام المؤسسة المغربية، والذي لم يتعدّ ال20 شخصا، إلى وعي الصحراويين المقيمين بالخارج بأن لعبة قيادة البوليساريو باتت مكشوفة، بعد أن دأبت على زرع فكر وأيديولوجيا المظلوميات في نفوس أبناء "الجاليات"، وترسيخ حلم إقامة الكيان المستقل في عقولهم، واحتماءها وراء فكرة الانفصال، طيلة رحلة المعاناة التي دامت لأربعة عقود ونيف. ويرى مراقبون أن إقليم بيلباو، والذي كان في الوقت القريب من أهم معاقل البوليساريو، أضحى اليوم معقلا لتغيير القناعات والسياسات، خاصة بعد وعي سكان الإقليم بأن البوليساريو تسارع إلى نفخ نار الصراع وتغذيته بالحشد الشعبي والإعلامي، واقتناعهم بأن البنية المجتمعية والسياسية لمنطقة الصحراء لا تساعد أبدا على الاستقلال والاستقرار؛ لأن الجغرافيا السياسية تجعل الدول الناشئة دائما تحت رحمة الجوار وسيطرته.