ما زالَ التضارب في المواقف مُشتداً بين العثماني والنقابات المركزية، خاصة بعد إعلان الحكومة "استعدادها لمعاودة الاتصال بالشغيلة من أجل إعادة الرُّوح للحوار الاجتماعي المتعثر"، فقد جاء الرد النقابي سريعا لتعلن النقابات من خلاله إدانتها "بشدة النهج الحكومي المتخاذل والجمود الذي جعل الدخول الاجتماعي فارغا مخيبا لآمال المغاربة وفي طليعتهم الطبقة العاملة". وفي مقابل تأكيد الحكومة على أن هدفها هو "السعي إلى اتفاق مع المركزيات النقابية، والعمل على أن يكون ذا أثر على تحسين الدخل ودعم القدرة الشرائية وتقليص الفوارق في الدخل"، أورد الاتحاد المغربي للشغل، أحد أكبر المركزيات النقابية بالمغرب، أنه "يرفضُ العرض الحكومي والذي تعتبره الشغيلة لا يرقى حتى إلى الحدود الدنيا من مطالب انتظارات مختلف الشرائح العاملة وكل الأجراء". واستنكر الاتحاد المغربي للشغل "التعطيل المتعمد للحوار الاجتماعي، واجترار الحكومة لخطاب عدمي فارغ من كل محتوى، بدل الالتزام المسؤول لإخراج الحوار الاجتماعي من النفق المسدود الذي أوصلته إليه، ضدا على المحاولات الجادة والواقعية قامت بها الحركة النقابية وفي طليعتها الاتحاد المغربي للشغل". ورفضت الهيئة النقابية ذاتها استهداف الحكومة لحقوق ومكتسبات الطبقة العاملة في القطاع الخاص وفي قطاع الوظيفة العمومية والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية، مستنكرة "سياستها في المجال الاجتماعي التي لا تتجاوب مع مطالب وتطلعات العمال وكل الأجراء، بل تضرب في العمق قدرتهم الشرائية بتجميد الأجور والزيادات المتتالية في الأسعار". محمد الوافي، القيادي في الاتحاد المغربي للشغل، أكد أنه "لا بديل أمام السلطة التنفيذية سوى الاستجابة الفورية لمطالب الشغيلة وتفعيل توصيات لجنة تقصي الحقائق المتعلقة بالتقاعد، وكذلك الرفع من الأجور بشكل عام بالنسبة للموظفين والأجراء في القطاع الخاص"، داعيا الحكومة إلى "تغليب صوت الحكمة، وأن يكون تعاملها مع مطالب الحركة النقابية جدي بخلاف من سبقوها من حكومات". وأكد عضو الأمانة العامة للاتحاد المغربي للشغل، في تصريح لجريدة هسبريس، تشبث الشغيلة بمطالبها المشروعة في جولات الحوار الاجتماعي، مجدداً موقفها من أي عرض لا يحقق الحد الأدنى من انتظارات وتطلعات الطبقة العاملة المغربية، وقال "نأملُ أن يفضي هذا الحوار إلى إخراج ميثاق اجتماعي لأن الحوار هو السبيل لإنهاء الخلافات". وانتقد المسؤول النقابي ما اعتبره "استمرار التطبيق الحرفي ل"تراتيل" المؤسسات المالية الدولية، ولمنطق التقشف الطبقي رغم الإقرار بفشل النموذج التنموي المتبع الذي أجهز على القدرة الشرائية للطبقة العاملة وأطلق عنان الأسعار وخفض مؤشرات التنمية وعمَّقَ الفوارق الطبقية ورمى بمختلف فئات الطبقة العاملة وأبنائها في براثين اليأس". وزاد الوافي: "الوضع في البلاد مقلق وينذر بمزيد من الاحتقان الاجتماعي ومع رفض الحكومة الانصات لمطالبنا سيتأزم الوضع أكثر وسنكون أمام شعور عام باليأس والإحباط الذي بدأ يسري في نفوس المواطنين"، على حد تعبيره.