يبدو أن اعتراف الرئيس إمانويل ماكرون بمسؤولية الدولة الفرنسية في مقتل المناضل الجزائري الشيوعي موريس أودان، الذي عُذب وقُتل من لدن جنود فرنسيين بالجزائر لمجرّد أنه كان ينشط لصالح استقلال بلاده، ستكون بادرة جديدة ليُفتحَ ملف المعارض الاتحادي المهدي بنبركة، المختطف من أمام "مقهى ليب"، بالعاصمة باريس. عائلة المعارض المغربي قامت بإصدار بيان تشير فيه إلى "ابتهاجها بهذا النصر التاريخي للحقيقة والعدالة، وإنهاء61 سنة من الإنكار"، مسجلة أن "اختفاء المهدي بنبركة يدخل عامه 53، وزوجته غيثة بنبركة تخوض المعركة نفسها رفقة عائلتها ومحاميها موريس بوتين وجميع من يسعى وراء الحقيقة في قضية اختطاف واختفاء زوجها". وأضاف البيان أن "لجنة الحقيقة في اختطاف المهدي بنبركة ومؤسسة "المهدي بنبركة ذاكرة حية يحييان شجاعة جوزيت أودين، زوجة موريس، التي تحركت بدون كلل، بمساعدة عائلتها،وأصدقائها؛ فضلا عن مساعدة الحزب الشيوعي الفرنسي الذي ساهم بدوره في ظهور حقيقة قاتل زوجها". وأردف المصدر ذاته بأن "هذا الفعل يفتح صفحة جديدة ستسمح أخيرا بمعرفة الظروف الحقيقية لموت موريس أودين ومكان دفنه"، متمنيا أن يكون تصريح الرئيس عن حقيقة تاريخية "بداية لمبادرات أخرى تكون سببا في كف الدولة عن عرقلة مسار العدالة لمعرفة الحقيقة في مصير المهدي بنبركة"، وزاد: "من الضروري تسهيل استشارة جميع أرشيفات الدولة، خصوصا أرشيفات الإدارة العامة للأمن الخارجي، والتي تتعلق باختطاف بنبركة". وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أقَّر في وقت سابق بمسؤولية بلاده عن إقامة "نظام تعذيب" إبان استعمار الجزائر الذي انتهى في العام 1962، معترفاً بأن سلطات بلادهِ "مسؤولة عن مقتل المناضل الجزائري الشيوعي موريس أودان". وفي محاولة منها لجبر الضرَّر النفسي للجزائريين الذين عانوا ويلات الاستعمار الفرنسي لأكثر من قرن من الزمن، دعت الرئاسة الفرنسية إلى "فتح الأرشيف المتعلق بقضايا اختفاء مدنيين وعسكريين فرنسيين وجزائريين"، أثناء الحرب التي لازالت من الملفات الأكثر إثارة للجدل في تاريخ فرنسا الحديث، ونظرا لما لذلك من أثر على العلاقات الوثيقة والمعقدة بين فرنساوالجزائر. ورحّبتْ الجزائر باعترافات إيمانويل ماكرون حول تجاوزات بلاده في حرب الجزائر التي أرادت أن تحولها إلى مقاطعة فرنسية في شمال إفريقيا. ووصف وزير المجاهدين الجزائري، الطيب الزيتوني، اعتراف فرنسا بمسؤوليتها عن وفاة المناضل الفرنسي موريس أودان خلال حرب الجزائر تحت التعذيب بأنه "خطوة إيجابية يجب تثمينها ودليل على أنه ستكون هناك المزيد من الاعترافات". ولم تكن الجزائر البلد الوحيد في سجل فرنسا الأسود في تعاملها مع مستعمراتها الإفريقية، بل شملت هذه التجاوزات أيضا المغرب الذي مازال ينتظرُ كشف الأرشيف المتعلق بقضايا اختفاء مدنيين مغاربة خلال أحداث المقاومة المغربية المسلحة.