بالرّغم من عودة الدفء إلى العلاقات المغربية الموريتانية، فإن غُبار تداعيات الأزمة الدبلوماسية الصامتة بين نواكشوطوالرباط ما زال يتناثرُ في الأرجاء، مخلفاً خرجات إعلامية يُحاول كل طرف من خلالها رمْي الكرة الحارقة إلى الجانب الآخر؛ فقد عاد الحزب الحاكم في الجارة الجنوبية إلى مُهاجمة الرباط، بعدما انتقدَ غياب الديمقراطية والحرية في المملكة. وقال سيدي ولد سالم، وزير التعليم العالي الموريتاني والعضو في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم بموريتانيا، إن "بلاده هي بلد الحرية والديمقراطية؛ وهو ما مكن عدداً من أبنائه العبيد السابقين من الحصول على مناصب سامية"، مقارنة مع المغرب الذي اتهمه ضمنياً بالعنصرية حين أشار إلى أن "المملكة المغربية لا يتمكن فيها أي أسود من أن يتبوأ أحد المناصب السامية، بالرغم من أن ذوي البشرة السوداء يمثلون نسبة 35 في المائة من السكان"، وفق تعبيره. وتفاعلاً مع الخرجة غير المحسوبة للوزير الموريتاني الذي خلقت جدلاً واسعاً في وسط سياسي يترقب نتائج الانتخابات المحلية والتشريعية، نقلت مصادر موريتانية أن قيادة الحزب الحاكم قامت باستدعاء وزير التعليم العالي في الحكومة الموريتانية الحالية، المكلف بإدارة حملة انواذيبو عن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، على خلفية تصريحاته التي هاجم فيها المملكة المغربية. ونقلت وسائل إعلام موريتانية أن "استدعاء ولد سالم من طرف اللجنة العليا لإصلاح الحزب الحاكم إلى نواكشوط يأتي على خلفية انحراف خطابه السياسي عن مساره الطبيعي"، في حين ذهبت مصادر أخرى إلى اتهام المنسق الجهوي لحملة حزب الاتحاد وبعض مقربيه بالضلوع في قضية فساد وسوء تسيير موارد الحملة الانتخابية التي رصدت لها أكثر من 325 مليون أوقية. وكانت العلاقات المغربية الموريتانية شهدت انفراجاً دبلوماسيا مع تعيين السفير الموريتاني بالرباط محمد الأمين ولد آبي الذي قدم أخيراً أوراق اعتماده للملك محمد السادس، في خطوة تعكس أن السماء بين البلدين، وإن تلبدت بالغيوم، فإن أبواب العودة تظلُّ مشرعة أمامهما. وتعيشُ بلاد شنقيط على وقع انتخابات تشريعية حاسمة بالنسبة للحزب الحاكم، الذي يتعرض لانتقادات متزايدة من قبل المعارضة الموريتانية، حيث يثير تأخر إعلان عن النتائج النهائية للاقتراع جدلاً كبيرا بين الأوساط السياسية في البلاد، حيث يعتبرهُ المتتبعون إشارة سياسية ستحمل مؤشرات دالة على توجه المرحلة المقبلة. وكانت المعارضة الموريتانية قد احتجت على تأخر إعلان نتائج الانتخابات، وحذرت من وجود محاولات لتزوير وتغيير نتائج الانتخابات من لدن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم. من جانبه، انتقد الحزب الحاكم تصريحات قادة المعارضة، وقال إنهم يحاولون في "تصرف غير ديمقراطي" أن يؤثروا على النتائج. وتعد الانتخابات التشريعية والمحلية والجهوية في موريتانيا الأولى منذ اعتماد نظام المجالس الجهوية وتعديل الدستور الذي ألغى مجلس الشيوخ، كما أنها الأولى بعد عودة المعارضة إلى المشاركة الانتخابية عقب سنوات من المقاطعة وعدم الاعتراف بنظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز بسبب الانقلاب الذي قام به عام 2008 وسيطرته منذ ذلك الوقت على مقاليد الحكم في البلاد.