أعلنت رابطة التربويين التنويريين العاصمةَ المغربية الرباط عاصمة للتنوير في سنة 2018، في ندوة نُظمت مساء الاثنين بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط. وقال عباس الجراري، المستشار الملكي وعميد الأدب المغربي، إن الرباط حاملة مشعلَ التنوير كسائر مدن المغرب، موضحا الحاجة إلى الحديث عن التنوير الذي عرفه المغرب، وتذكير الأجيال به؛ "لأنها غافلة عن تاريخها وتراثها"، إضافة إلى الحاجة الماسة إلى "استعادة الثقة بأنفسنا ومقوّمات هويتنا وديننا". وتحدث الجراري في الندوة التي عرفت إعلان الرباط عاصمة للتنوير في سنة 2018، عن الشيخ أبي شعيب الدكالي كعلم من أعلام التنوير، وزعيم للنهضة الدينية في القرن الماضي، وداعية للسلفية التي تدعو إلى التحديث بناء على الأصول ومحاربة الخرافة والشعوذة التي تمس بالتنوير. ووضح الجراري أن الدكالي "كان زعيما إسلاميا التفّت الأمة حوله، ودعا إلى تفسير السنة، والتعمق في التفسير ومحاربة كل الخرافات والشعوذات، ونتج عن حركته التنويرية الدينية بعد وفاته قيام الحركة الوطنية والأحزاب الوطنية ودعوتها تحرير الأفكار وتحرير المغرب". خالد الصمدي، كاتب الدولة في التعليم العالي والبحث العلمي، رأى في اختيار الرباط عاصمة للتنوير في العالم العربي "تكريما للعاصمة الرباط والتميّز المغربي في أدبه، ومعماره، ولباسه، ومختلف تمظهراته الثقافية، لأنه بلد الأنوار والتنوير بامتياز". واستحضر الصمدي تجربة المغرب في تجديد الخطاب الديني المبني على خصوصيات وأصول وعلى قَبول الاختلاف، إضافة إلى مجهودات ملك البلاد في إعطاء صورة متجددة للمغرب في التلاقح الثقافي والعلمي، فضلا عن عظمة المفسرين المغاربة الذين جددوا النظر في القرآن، وتميزهم بالفقه، والفهم، ومناهج تحليل الخطاب الديني، وشروحات موطّأ الإمام مالك. وذكر كاتب الدولة في التعليم العالي بعضا من "الإشكالات الحقيقية في الخطاب التربوي الديني"؛ لأن "العديد من المشتغلين بإنتاج الخطاب التربوي للقيم الدينية يخلطون بين الديني والتاريخي، ويُضْفون بعض القداسة على الخطاب التاريخي المرتبط بالمقدس، وهو ما يؤثر على خطاب التفكير، وطرح السؤال.."، قبل أن يجمل قائلا إن: "كل خطاب إقصائي ينحو بالهوية إلى نوع من الانغلاق لا يمت بصلة إلى منهجية القرآن وخطابه ومقاصده". بدوره أكد عبد السلام المحبوب، رئيس رابطة التربويين التنويريين، أن اختيار العاصمة الرباط كان مستحقا؛ لأنه في غالب الدول العربية لا تسود الأنوار كما في المغرب، مضيفا أن اليومين اللذين قضتهما الرابطة العربية للتربويين التنويريين بهذا البلد أضفيا عليها قيمة، بوصفها منصة توحيد ومنصة تنسيقية حول التجديد الديني. وقد شهد إعلان مدينة الرباط عاصمة للتنوير في سنة 2018 تكريمَ عدة وجوه مغربية؛ من بينها عباس الجراري، عميد الأدب المغربي، ومحمد بلبشير الحسني، قيدوم الدراسات الإسلامية بالمغرب، وعبد السلام فيغو، عضو المجلس العلمي الأعلى ومؤسس شعبة الدراسات الإسلامية بجامعة القاضي عياض بمراكش، ومصطفى الجوهري، نيابة عن جمعية رباط الفتح، إضافة إلى رئاسة جامعة محمد الخامس، وكلية الآداب والعلوم الإنسانية.