ما إن أُعلِن عن انتهاء مسؤولية عبد اللطيف شدالي على رأس السلطة الإقليميةبخريبكة وتنصيب عبد الحميد الشّنّوري عاملا جديدا على الإقليم حتى سارع عدد من سكان المنطقة، وعلى رأسهم فعاليات جمعوية ونقابية وسياسية ومهنية، إلى التفاعل مع المستجدّ، عبر تشخيص واقع الأوضاع التي يعيشها الإقليم وتعليق الآمال على المسؤول الجديد لحل المشاكل التي تتخبّط فيها عدد من القطاعات والمجالات. واستغل عدد من متتبعي الشأن المحلي مواقع التواصل الاجتماعي وعددا من المنابر الإعلامية للتعبير عن انتظاراتهم من العامل الجديد، بعدما قضى سابقه ستّ سنوات وثلاثة أشهر في تدبير شؤون الإقليم، معربين عن آمالهم في أن تكون فترة تولّي عبد الحميد الشنّوري مسؤوليته الجديدة حافلة بمظاهر التنمية الحقيقية على جميع المستويات؛ فيما يرى آخرون أن اعتبار العامل عصا سحرية قادرة على تغيير الأوضاع بسرعة وفعّالية اعتقاد خاطئ. تدبير بالحديد والنار.. وملفات ساخنة إدريس السالك، بصفته فاعلا نقابيا وسياسيا بخريبكة، قال إن "الشنّوري جاء في ظروف جد دقيقة على مستوى الإقليم، بحكم أن العامل السابق دبّر شؤون المنطقة بيَدٍ من حديد ونار؛ وهو ما تسبّب في تقهقرها وتدهورها من حيث التنمية وحقوق الإنسان، فصارت خريبكة تلقب بعاصمة الاحتجاج، سواء من جانب عمال الوساطة أو المعطلين أو متقاعدي الفوسفاط أو ضحايا التجزئات والأراضي السلالية ، الذين نالوا حقهم من القمع والإكراه". وأكّد المتحدث ذاته أن "العامل الجديد مطالب بالالتفات أولا إلى المشاريع المجمدة، ومن ضمنها الملعب الرياضي الكبير ومركز الاستثمار وغياب وكالة حضرية بالإقليم وعدّة مشاكل أخرى لا يُمكن عدّها وإحصاؤها"، مضيفا أن "الشنّوري سيجد على مكتبه مجموعة من الملفات الساخنة التي تدعو إلى رد الاعتبار للإقليم والمصالحة مع سكانه الذين تعرضوا للبطش والقمع والاعتقال في السنوات الأخيرة". وشدّد السالك على ضرورة "وضع برنامج تنموي انطلاقا من إنشاء وكالة وطنية لتنمية المراكز الفوسفاطية، حتى ينال إقليمخريبكة حظه من التنمية أسوة بالمناطق الشمالية والشرقية والجنوبية، والعمل على استثمار الفوسفاط في التنمية المحلية، باعتبار أنه كلما سُئل مسؤولو المجمع الشريف الفوسفاط عن دور المؤسسة في التنمية المحلية يكون الجواب بأن لا أحد طرق بابها"، داعيا في السياق ذاته عامل الإقليم إلى "طرق باب المجمع وإشراكه فعليا في التنمية، انطلاقا من إعطاء الأسبقية لأبناء المنطقة في التشغيل". وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن "عامل الإقليم مطالب بالنهوض بأوضاع المنطقة على جميع المستويات، خاصة على مستوى تنمية العالم القروي، عبر تعبيد الطرقات وربط الدواوير والكانونات بشبكات الكهرباء والماء الصالح للشرب والهاتف والأنترنيت، والعمل على بناء مستوصفات ومراكز للولادة ودور الشباب والمدارس التعليمية وغيرها من المؤسسات الكفيلة بتأهيل وتطوير المنطقة". فوضى التجارة وانتظارات المهنيين في حديثه عن أوضاع قطاع التجارة المحلية، أكّد محمد أمغار، الكاتب الإقليمي للنقابة الوطنية للتجار والمهنيين بخريبكة، أنه "يعيش الفوضى بكل تجلياتها، حيث أصبحت أغلب، إن لم نقل جميع، المركبات التجارية والشوارع والأزقة محاصرة، وصارت المدينة "جوطية" كبيرة، بالرغم من توفّرها على أسواق نموذجية ممتازة"، مضيفا أن "المهنيين ينتظرون من العامل الجديد أشياء كثيرة مرتبطة بالقطاع". وقال المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، إن "المهنيين يعيشون مشاكل الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، وإكراهات الكراء والماء والكهرباء والضرائب المجحفة. وقد تحملنا في السنوات الأخيرة سلبيات الربيع العربي وأوقفنا الاحتجاجات، وأسهمنا في السلم الاجتماعي؛ لكن لا شيء من هذا كله شفع لنا لكي يُرفع عنا الحصار في خريبكة التي تحوّلت إلى سوق يلجأ إليه كل من لا حرفة ولا مقر له" بعدما أشار الكاتب الإقليمي للنقابة الوطنية للتجار والمهنيين بخريبكة إلى أن "السلطات الإقليمية، وعلى رأسها العامل السابق، لم تعمل على تثبيت الباعة الجائلين والسيطرة على الفوضى، وحل مشكل التجارة غير المهيكلة، ووضع حد للتسيب الذي منع التجار والمهنيين من ممارسة أنشطتهم القانونية في ظروف سليمة"، أكّد أن "المنتظر من العامل الجديد هو حماية الأرواح والممتلكات وتطبيق القانون، إذ نسمع دائما عن دولة الحق والقانون، وعلى أرض الواقع لا نرى التطبيق الفعلي لتلك القوانين، ولا حياة لمن تنادي". وختم أمغار تصريحه بالتأكيد على أن "منظمتنا المهنية مستعدة لمدّ يد المساعدة للعامل الجديد، وتقديم حلول ومقترحات لحل المشاكل التي تعيشها قطاع التجارة، خاصة أننا نتوفر على تصورات وتجارب دولية من شأنها أن تسهم في تصحيح الأوضاع محليا وإقليميا". قبسٌ من تطلعات الشباب وعن آمال الفئة الشابة، قال عبد الهادي حنين، رئيس جمعية مغرب المستقبل، إن "انتظارات الشباب الخريبكي عديدة، وعلى رأسها ملف البطالة وقلة فرص التشغيل، خاصة أن المنطقة تعاني كثيرا، بالرغم من توفرها على ثروات فوسفاطية مهمة، إضافة إلى ملف التعليم الذي يُعدّ مرتكزا أساسيا يتطلب المزيد من الجهود للرفع من مستواه على المستوى الإقليمي". وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن السلطات الإقليمية بمسؤولها الجديد مطالبة ب"إنشاء معاهد ومسارح ودور الثقافة الكفيلة بمواكبة الطفرة النوعية للشباب في مجال الترفيه"، مضيفا أن الفاعلين الجمعويين يتمنون من العامل مسايرة الملفات التي بدأها المسؤول السابق". وشدّد الفاعل الجمعوي على ضرورة "تضافر جهود مختلف الهيئات والمؤسسات والأطراف المعنية، من أجل المساهمة، كل من موقعه، في تنمية الإقليم الذي يزخر بمجموعة من الطاقات الشابة، والمنطقة في حاجة ماسة إلى مشاريع تنموية تواكب احتياجات الساكنة عامة والفئة الشابة على وجه الخصوص". ولفت عبد الهادي حنين إلى أن "مدينة خريبكة ستعرف مستقبلا إنشاء منطقة صناعية جديدة، وعلى العامل الجديد إيلاء هذا الملف العناية اللازمة والأولوية الخاصة؛ لأن الفئة الشابة ترى أن هذا المشروع الصناعي سيشكّل في الوقت نفسه متنفسا مهما على مستوى التشغيل والتنمية المحلية".. التمسك بالعامل.. وفشل المنتخَبين أما الفاعل المدني عبد الصمد خشيع، فيرى أن "ساكنة خريبكة تعقد آمالا كبيرة على العامل الجديد للنهوض بالإقليم على المستوى الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والتنموي. وإذا كان هذا الأمر صحيحا في جانب ما، فإنه في جوانب عديدة خاطئ كل الخطأ"، موضّحا أنه "في إطار الجهوية المتقدمة والتنمية المستدامة، لم يعد للعامل الصلاحية الواسعة لتحمل المسؤولية في تنمية المدينة، على اعتبار أن هناك مجالس منتخبة لها ماليتها القارة ومواردها البشرية وتسييرها المستقل، ولها من الإمكانات ما يجعلها قادرة على القيام بتلك المهام". وأكّد المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الثالوث المشكّل من مجلس الجهة والمجلس الإقليمي والمجلس البلدي له قوة واستقلال مالي وحكامة في تدبير شؤونه الداخلية، ويستطيع النهوض بالإقليم بتنسيق مع عامل الإقليم كسلطة وصية وجهاز منسق، في إطار ظهير العمّال الذي يحدّد دور العامل في التنسيق والإشراف على بعض المشاريع وتنفيذها بنوع من المرونة". ولفت خشيع إلى أن "تمسك الساكنة واعتقادها بكون العامل المشجب الذي نعلق عليه آمال المدينة هو توجه، في اعتقادي طبعا، غير سليم بالمرة، وفي الوقت ذاته يبرّر فشل المجالس المنتخبة، ويشير إلى أن للمنتخبين جهويا وإقليميا ومحليا عجزًا داخليًّا وصعوبة على مستوى التدابير والحكامة التي يُفترض أن يتعاملوا بها". واستدرك عبد الصمد خشيع بالقول: "صحيح أنه لا يمكن أن نعفي العامل من المسؤولية كسلطة للوصاية، لها ما لها وعليها ما عليها، خاصة على مستوى القرارات ومراقبة مالية الجماعات المحلية والصفقات العمومية والأشغال؛ لكن مع هذا كل تبقى المسؤولية الحقيقية مشتركة بين العامل والمجالس المنتخبة والمواطن في حد ذاته".