في محاولة جديدة لبحث سبُل لرفع "حصار مليلية" بعدما قرَّر المغرب غلق المعبر التجاري الحدودي المحاذي للثّغر المحتل، تعتزمُ الحكومة المركزية في مدريد دعوة الأطراف الرسمية في الرباط إلى التفاعل "إيجابا" مع مطالب الحكومة التي تتمتعُ بصيغة الحكم الذاتي، التي أثْخَنَهَا الإجراء المغربي اقتصادياً. وطالبت مديرية الجمارك الإسبانية إدارة الجمارك المغربية بعقد اجتماع من أجل إعادة الوضع الطبيعي للجمارك بين البلدَين في مليلية، بعد الإغلاق الأحادي الصادر من الحكومة المغربية في مطلع غشت الجاري. ويأتي هذا وسط غليان غير مسبوق تعيشه الأغلبية الحكومية في مليلية المحتلة، حيث عبّر الحزب الشعبي الحاكم عن أن "إغلاق المعبر الحدودي كانت له انعكاسات قوية على الاقتصاد المحلي". وفي أول تفاعلٍ رسمي مع الانتقادات الإسبانية المتصاعدة ضد القرار المغربي، قال مصطفى الخلفي، الناطق الرسمي باسم الحكومة، الخميس، إن قرار إغلاق جمارك مليلية "قرار سيادي وعاد اتخذه المغرب لإنعاش ميناء الناظور الجديد". وقال المسؤول الحكومي إن "السلطات المغربية تعتبر قرار إغلاق جمارك مليلية قراراً سيادياً يخصُّ المغرب"، مضيفاً أن "الرباط اتخذت هذا القرار داخل مقتضيات السيادة الوطنية". وكان المغرب اتخذ قراراً، في منتصف يوليوز الماضي، دخل حيز التنفيذ مطلع غشت الجاري، يقضي بإغلاق الجمارك البرية مع مدينة مليلية المحتلة. وينص القرار على السماح فقط بالتخليص الجمركي عبر ميناء بني أنصار، المجاور لمعبر مدينة مليلية، ومنع أي عملية استيراد أو تصدير عبر المعبر البري. ويقول جلال الورغي، مدير المركز المغاربي للبحوث والتنمية بلندن، إن "هذا التوتر بات جزءا من إدارة العلاقات المغربية الإسبانية"، مستبعداً احتمال اندلاع أزمة دبلوماسية بين البلدين، وقال إن "إغلاق معبر مليلية لن يؤثر على العلاقات بين المغرب وإسبانيا"، معتبرا أن هذه الإشكالية "لن تمنع الشراكة الاقتصادية القوية بين المغرب وإسبانيا، خاصة أن الأول يمثل أكبر شريك اقتصادي في الفضاء الجنوبي للدولة الإيبيرية". الباحث المتخصص في الشؤون المغاربية أورد: "ليس هُنالك أي توتر من شأنه أن يربك العلاقات الإستراتيجية بين البلدين، ليس فقط على المستوى الاقتصادي والتجاري، وإنما الأمني أيضاً والسيطرة على مشكل الهجرة". أما محمد أحسيسن، الكاتب العام للتواصل للحزب الاشتراكي الكتالوني، فيؤكد أن "الحزب الحاكم في مليلية يلعب لعبة قذرة بمحاولة تعكير الأجواء بين مدريدوالرباط"، وقال إن "حكومة مدريد تريد حل المشكلة بالحوار مع المغرب وإجراء اللقاءات المزمع تنظيمُها خلال هذا الشهر من أجل حلحلة هذه الأزمة". وقال المسؤول الحزبي إن "العلاقات المغربية الإسبانية تاريخية وجيدة، والذي يعكر صفوها دائماً هو الحزب الشعبي الحاكم في مليلية"، مضيفا: "إسبانيا تتعامل مع المغرب كشريك اقتصادي ودبلوماسي تقليدي وليس كدولة عدوة؛ أما حاكم مليلية فمعروف بتصريحاته المتهورة، وهو الذي منع المسلمين في مليلية من اقتناء الأكباش من المغرب، ما زاد من تعقيدات الوضع في النقطة الحدودية". وكانت الرباط قررت بداية شهر غشت إغلاق المعبر دون استشارة السلطات الإسبانية، ما وصفته صحف إسبانية ب"حصار مليلية".