حالة من الذّعر والهلع تسودُ وسط ساكنة مدينة مراكش، بعد تفشِّي داء السل في أوساط الأطر الطبية داخل المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس؛ وهو ما دفع وزارة الصحة في إجراء احترازي إلى إغلاق الجناح الخاص بعلاج داء السل بمستشفى "الرازي"، بعد تسجيل إصابات في صفوف ثلاثة أطباء وممرض خلال بحر الأسبوع الماضي. مصدر من وزارة الصحة أرْجعَ أن يكون العاملون بالمستشفى قد التقطوا العدوى بسبب عدم اتخاذ الاحتياطات وتدابير السلامة الضرورية لتفادي حالات العدوى وانتشار الأمراض، مشيرا إلى أن "الوزارة تعملُ على اتخاذ الإجراءات الضرورية بعد إصابة طبيب وحارسي أمن خاص وعاملتي نظافة بالعدوى". وفي السياق، كشف أمين الخادير، طبيب مقيم بمستشفى الرازي، أن "الخطورة تكمن في المرضى الذي يقصدون المصلحة نفسها للتداوي من أمراض أخرى ليجدوا أنفسهم مصابين بمرض السل". وقال الطبيب المقيم إن "وزارة الصحة تحاول التستر عن الموضوع وتمويه الرأي العام بأن المصلحة المعنية هي مصلحة داء السل؛ وهو أمر مغلوط، لأن المصلحة المعنية هي مصلحة المستعجلات والتي تستقبل ما بين 400 و600 فرد من ساكنة مراكش والنواحي يوميا"، محذراً من تفشي داء السل بمدينة مراكش مُستقبلا. ويشتكي العاملون في مستشفى مراكش من "الظروف المزرية التي يشتغلون فيها والتي تهدد أمنهم وسلامتهم الصحية في ظل غياب محيط عمل يستجب للمعايير الموضوعية والظروف الملائمة كالتهوية والمكيفات والنوافذ التي من شأنها أن تساعد على التقليل وتقليص انتقال العدوى فيما بينهم وبين المرضى الوافدين على المستشفى من أجل تشخيص المرض. وسبق للحسين الوردي، وزير الصحة السابق، أنْ وقَّع سنة 2013 مجموعة من اتفاقيات شراكة مع القطاعات الحكومية المعنية والجهات الست التي سجَّلت آنذاك ارتفاعا في نسبة الإصابة، رصدت إليها أغلفة مالية مهمة من لدن وزارة الصحة؛ غير أنَّ الوزارة المعنية، حسب الحبيب كروم، رئيس الجمعية الوطنية للتوعية ومحاربة داء السل، "لم تباشر إجراءات حازمة تقي المواطنين من خطر الوباء". وانتقد المسؤول النقابي إغلاق مصلحة المستعجلات بمستشفى الرازي واصفاً هذا الإجراء ب"الترقيعي"، و"ترجمة لفشل السياسة الصحية لمحاربة وباء السل وجب معها ربط المسؤولية بالمحاسب". ومعروف أن هذا الداء المعدي ينتقلُ عبر الهواء بسبب عصية كوخ التي تصيب في معظم الأحيان الرئتين وتصل مدة العلاج في أحسن الأحوال إلى ستة أشهر إذا كان المصاب مُواظبًا على أخذ دوائه؛ وهو "ما يجعلنا أمام كارثة حقيقية"، يقول رئيس الجمعية الوطنية للتوعية ومحاربة داء السل. وتابع الحبيب كروم: "إصابة الأطر الطبية والتمريضية توحي بأن إمكانية وظروف العدوى متوفرة وملائمة في صفوف العاملين والمواطنين كذلك"، مُذكراً بعدم نجاعة البرنامج الوطني لمحاربة داء السل ما دام مستشفى مختص في علاجه (مستشفى مولاي يوسف للأمراض الصدرية بالرباط) ما زال يستخلص فاتورات غير قانونية ضدا عن قرارات وزير الصحة وعدم مراقبته للمرضى الذين يرقدون فيه. وطالب المسؤول النقابي وزير الصحة بإيلاء البرنامج الوطني لمحاربة داء السل العناية اللازمة والكافية وتقييم جل مراحله لحماية صحة المواطنين والعاملين في مجال داء السل؛ كما دعاه إلى رفع وتوحيد التعويضات عن الأخطار المهنية لكافة العاملين بالقطاع الصحي لما يتعرضوا له هم وذويهم من أمراض معدية خطيرة قد تؤدي بحياتهم وأسرهم في بعض الأحيان. يذكر أن هسبريس حاولت الاتصال أكثر من مرة بأناس الدكالي، وزير الصحة، لمعرفة رأيه في الموضوع، فضلاً عن بعث رسالة نصية قصيرة إلى هاتفه النقال؛ لكنه لم يرد على المكالمات التي توصل بها.