تحركاتٌ حثيثة يباشرها مستشار الأمن القومي الأمريكي، جون بولتون، من أجل ضم قضية الصحراء إلى جدول القضايا التي ستناقشها جلسة مجلس الأمن لشهر شتنبر، رغم أن الجلسة التحضيرية، التي عقدتها الممثلة الدائمة للولايات المتحدةالأمريكية، نيكي هالي، مع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتريس، لم تعلن رسميا إدراج الصحراء المغربية للنقاش. تقارير دولية ذكرت أن مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يُمني النفس باستغلال ترؤس دبلوماسيي بلاده الجلسة من أجل الضغط عليهم لإدراجها، مشيرة إلى أن بولتون، المعروف بعدائه للمملكة المغربية، يقوم بضغوطات تروم حث أطراف النزاع على استئناف مسلسل المفاوضات، في تزكية لطرح أوساط أمريكية تتساءل عن جدوائية الدعم المقدم إلى بعثة "المينورسو"، دون إحراز أي تقدم في عملية التسوية السياسية للنزاع. وفي هذا السياق، أكد محمد الزهراوي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض، أن "أمريكا على مستوى مقاربتها وإدارتها لملف النزاع حول الصحراء تخضع لتوازنات وحسابات جد معقدة، يتداخل فيها الاستراتيجي بالبراغماتي، والثابت بالمتحول والظرفي"، مشيرا إلى "تعارض وتناقض المواقف والتقديرات حول الملف، سواء بين المؤسسات الحساسة (البنتاغون، الخارجية، الاستخبارات، استشارية الأمن القومي...)، واللوبيات ومراكز صناعة القرار المتعددة بأمريكا". وأضاف الزهراوي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه "رغم كل الحسابات، فالمحدد الأساسي في تدبير الصراع من لدن البيت الأبيض كيفما كان لونه، ديمقراطيا أو جمهوريا، هو الحرص على التوازن بين المغرب والجزائر، ومحاولة الحفاظ على المسافة نفسها إرضاء للطرفين"، مؤكدا أن "المفتاح الرئيسي لفهم هذه التحركات الأمريكيةالجديدة هو نوعية وطبيعة اللوبيات التي يعتمدها الطرفان، المغربي والجزائري، حيث إن المغرب كان يعتمد على لوبيات قوية ومؤثرة وقريبة جدا من المحافظين، في حين تمكنت الجزائر من اختراق لوبي قوي في الكونغرس يتكون أساسا من الديمقراطيين". وحول الإدارة الأمريكية الحالية، في عهد ترامب، يقول المحلل السياسي إن "المتغير الأساسي يرتبط أساسا بظهور مؤشرات تؤكد تراجع النفوذ المغربي في صفوف المحافظين، خاصة القرار رقم 2414، وبالتحديد التغيير الذي طال مدة تمديد بعثة "المينورسو"، حيث انخفضت من سنة إلى ستة شهور، وهو الأمر الذي ليس في صالح المملكة، وربما هذا التحول راجع بالأساس إلى اختراق واستمالة الجزائر لبعض اللوبيات المرتبطة بمراكز التفكير كاتحاد المحافظين الأمريكيين ومعهد "أميركان إنتربرايز"، إضافة إلى بعض الشخصيات القوية والمؤثرة من "المحافظين الجدد" مثل جين كيركباتري وكريتشارد بيرل ونيوت غينغريتش". وأوضح الزهراوي أن "هذه التحولات والمؤشرات المسجلة تدفع المغرب إلى إعادة تقييم ومراجعة اللوبيات، التي يعتمدُ عليها في صفوف الحزبين بأمريكا، في ظل بروز تحديات جديدة في المنطقة"، مسجلا وجود أصدقاء للمغرب في صفوف الكونغرس من الديمقراطيين والجمهوريين، بالإضافة إلى "مؤسسات أخرى مؤثرة مثل مراكز التفكير، التي يجب على المغرب استمالتها واختراقها، خاصة أن المملكة ترتبط بشراكات استراتيجية مع أمريكا على مختلف المستويات، التجارية والعسكرية والأمنية، فضلا عن كون أمريكا كانت ولا تزال تاريخيا تعتبر المغرب حليفا قويا في شمال أفريقيا". وأضاف الزهراوي أنه "يجب الأخذ بعين الاعتبار أن الإدارة الامريكية الحالية تعيش على إيقاع التخبط والعشوائية، وسياسات ترامب لا يمكن التكهن بمآلاتها على مستوى خريطة التحالفات، إذ صار الأعداء حلفاء والعكس صحيح. لذلك، فالمملكة، وفق الظرفية الراهنة، تدرك أن ارتدادات سياسات ترامب قد تصل إلى ملف الوحدة الترابية، مما يتطلب اليقظة والقدرة على إيجاد حلفاء ومناصرين جدد من داخل الإدارة الأمريكية، ولو بشكل ظرفي قصد تجاوز هذه المرحلة الحساسة والدقيقة في مسار ملف الصحراء".