مرّت على تصوير أول فيلم أجنبي بالمغرب 99 سنة، وهو فيلم "مكتوب" الذي أخرجه جي. بينشون. وقُدم هذا الفيلم لردح من الزمان على أساس كونه فيلما استعماريا، بالرغم من أنه لا يتحدث إلا عن "تاريخ معيش يعود إلى سنة 1903 بالمغرب". الفيلم الفرنسي، الذي يرد اسمه في العديد من المعاجم السينمائية، يظل كاتب نصه ومنتجه وممثلوه غير معروفين في عالم السينما، عكس "مُصوره الذي صور أفلاما عديدة بعده". وهناك اختلاف بين المؤرخين حول مكان تصوير الفيلم، فبالرغم من تواتر المصادر التي تقول إنه صُور بمدينة طنجة، فإن هناك بعض المصادر التي تقدم دلائل مصورة حول تصوير الفيلم كاملا بمدينة مراكش وبعض من دواويرها المجاورة، بينما تذكر مراجع أخرى أن الفيلم جرى تصويره بين الدارالبيضاءوطنجةومراكش. استلهمت فكرة فيلم "مكتوب" من "تاريخ وأعراف المغرب". وتحكي هذه الفكرة، حسب مارسيل شولز، قصة ابن رجل غني من قبيلة الرحامنة يعيش حياة الفوضى، وإعجابَ "طامو" المغنية الشابة بجمال "ولد الطاهر"، بعدما لمحته في حفلة من الحفلات. وعُيّن "ولد الطاهر" من لدن باشا مدينة مراكش قائدا على وادي درعة، وفي طريقه إلى منصبه الجديد لمح جمال قريبة الباشا "السعدية"، ثم تتوالى الأحداث لتصل أخبار مفادها أن "القايد" الجديد يسيء معاملة مستخدميه. وترد مجموعة من الأحداث في الفيلم كثورة الرحامنة، التي كُلف ولد الطاهر بالتفاوض مع قادتها؛ وهو ما أدى به في الأخير إلى الرجوع مسجونا في قفص حديدي قابلا قدره، ورافضا طلب "طامو" العفو عليه، لأن ما وقع "مكتوب"، وهو الحدث الذي سيودي بحياة "السعدية" التي رأته مارا في قفص يحمله جمل، من المكان الذي لمحت فيه ابتسامته أوّل مرة. ومثلت في الفيلم "شيخات" مغربيات حقيقيات من المنطقة، و"طُلبة" حقيقيون، إضافة إلى ممثلين مغاربة مثل سعيدة بني سعيد التي شخصت دور المغنية "طامو"، لتكون بذلك أول ممثلة مغربية. كما مثلت في الفيلم أيضا ممثلة إنجليزية، وممثل فرنسي من أصل بلجيكي. وبعد الانتهاء من تصوير "مكتوب" في سنة 1919، تم عرضه لأول مرة في باريس في نونبر في سنة 1920، وتم توزيعه في ثلاث مدن مغربية هي طنجةوالدارالبيضاءومراكش. وترى فيولا شفيق، المنظرة السينمائية، في كتابها "السينما العربية، التاريخ والهوية الثقافية"، أن فيلم "مكتوب" قدم، إلى جانب أفلام أخرجت بالمغرب في سنوات العشرينيات، هذا البلد "كخلفية غرائبية مليئة بأشجار النخيل والجمال وراقصات الخصور. مقدمين بذلك صورة مشوهة بشدة عن شمال إفريقيا كأرض مشمسة ملأى بالمغامرات، فيها العرب كالقردة السعيدة يصلون لله لإرساله التأثير الحضاري للاستعمار الفرنسي". ويُرجع بعض المهتمين سبب تصوير الأفلام الأجنبية بطنجة، على وجه الخصوص، إلى كونها كانت "منطقة دولية في حقبتها الذهبية بين 1924 و1956". ومنذ تاريخ إنهاء تصوير "مكتوب" في 1919، عرف المغرب إخراجَ مجموعة من الأفلام ذات الصيت العالمي على أرضه؛ من بينها فيلم "الرجل الذي عرف أكثر من اللازم" لألفريد هيتشكوك في 1955، وفيلم "عطيل" لأورسون ويلز في 1952 الذي حصل على الجائزة الكبرى في "مهرجان كان" بفرنسا على أساس أنه فيلم مغربي.