أزمة جديدة تلوح في الأفق القريب، داخل دواليب جبهة البوليساريو الانفصالية، بعد أن تصاعدت حدة الانتقادات الموجهة إلى إبراهيم غالي وإلى القيادات العسكرية بتندوف، بسبب تغيبهم المستمر عن المخيمات، وسفرهم صوب الديار الإسبانية والكوبية، أو تفضيلهم الاستقرار بالجزائر، على حساب المكوث بجوار سكان تندوف الذين يعانون الويلات في ظل ندرة المياه والجو الحار. غياب كبار الانفصاليين أشار إليه معارضون للقيادة الحالية، حيث أوردت مواقع مقربة من الجبهة أن "القيادة تضع الإستراتيجيات العسكرية، وترحل صوب عطلها في مختلف أنحاء المعمور، وتترك الجنود في المناطق الحدودية تحت قيظ شمس الصحراء، دون أضحية والعيد على الأبواب، مكتفين بتناول اللوبيا والعدس، في حين ينعم المُسيرون بالراحة". المصدر ذاته أكد أن "خطة الاستنفار العسكري التي أعلنها ما يسمى ب"الجيش الصحراوي" مجرد كذبة، في ظل تسيير القيادات للوحدات العسكرية عبر تطبيق "الواتساب"، دون أن تترك للمساعدين أمور الحسم في التحرك العسكري؛ وهو ما يجعل القوات عاجزة عن القيام بأي شيء سوى المكوث في مناطقها، في ظل غياب القيادة عن الميدان". وفي هذا السياق، أوضح كريم عايش، الباحث في مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن "حق السفر والتنقل بالنسبة إلى سكان المخيمات بتندوف يعرف الكثير من الانتهاكات، أولها فرضُ قيود على مستوى التحرك داخل الجزائر بفعل الحواجز الأمنية المحيطة بتندوف على الطرقات الجزائرية الوطنية، وأيضا فرض تصاريح المغادرة مع تحديد الوجهة والسبب، فضلا عن استعمال جوازات سفر جزائرية بدل التي أصدرتها الجبهة الوهمية، والتي تُرفض في العديد من الدول باعتبارها مجرد كتيب وليست وثيقة رسمية". وأضاف عايش، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "قادة الجبهة لا يعرفون هذه الصعوبات والعراقيل، إذ يتمتعون بحرية أكبر للتنقل والسفر، تمكنهم من الراحة الطويلة والاستمتاع بالجو الأوروبي في إسبانيا ولاس بالماس وكوبا، والفاتيكان"، مشيرا إلى أن "هذه الامتيازات تأتي في ظل تقهقر أداء القياديين واتساع رقعة التشقق داخل التنظيم الهجين، فبمقابل الحرية التي ينعم بها بيادق مخابرات الجزائر، تجد المجندين وأفراد الميليشيا موزعين على عدة نقط عسكرية للبوليساريو يقضون جل حياتهم في ظروف صعبة وقاسية". وأردف المتحدث أن "ما يحدث ليس إلا انعكاسا لحالة التشرذم والضياع وفقدان الحماس والإنهاك الذي تعاني منه البوليساريو، بعد فشل نظريتها المستحيلة في فرض الاستفتاء كحل لتقرير مصيرهم والسيطرة على الصحراء، مقابل دعم جزائري سخي أصبح الكل يعلم أنه لا يعمل على تنمية وتحسين شروط عيش ساكنة تندوف بقدر ما يغرقها في أوهام الثورة وخطاب الحركات التحررية الذي أكل عليه الدهر وشرب، في حين يبذل المغرب جهودا حثيثة من أجل تنمية وتجاوز الأخطاء وتحسين البنيات التحتية وفتح الاقاليم الجنوبية على الاستثمار والسياحة والتحديث، بالرغم من قلة الموارد الطبيعية وثقل الدين الخارجي".