تمْضِي الساعاتُ بطيئةً على المهاجرين الأفارقة الذين اسْتقرَّ بهم الحالُ في مدن الشّمال المغربي، فالترقّب المشُوب بالحذر أضْحى العُنوان الأبرزْ وسطَ هؤلاء ممن استبدَّ بهم حلُمُ الهجرة إلى الضّفة الأخرى، في وقتِ تخوضُ السلطات المغربية واحدةً من أكبرِ الحملات التمْشيطية في البلاد من أجْل إبْعادِهم عن الحدود الأوروبية، في ما يُشبه رداً مغربياً رسمياً على مطالبة الأوروبيين المُتزايدةِ بتحْصِينِ الحدودِ. الحملةُ الأمنية اسْتهدفت مئات المهاجرين في الأيام الماضية بمدينتي طنجة والناظور، اللتين تمثلانِ نقطتين ساخنتين تجذبان الباحثينَ عن فرص العُبورِ إلى الجنوب الأوروبي. ووفق ما كشفته مصادر فرنسية، نقلاً عن مصادر مسؤولة، فإن هذه العمليات "تندرج في سياق جهود المغرب لمحاربة الهجرة غير الشرعية"، مشيرة إلى أنّ "عدد المرحلين يتراوح بين 1600 و1800 شخص". وتبعا لذلك فإن "المُرحّلين ممن شملتهم الحملة نقلوا إلى مدن تتوافر فيها شروط حياة أفضل بالنسبة إليهم، مثل مدينة تيزنيت وبني ملال"، حسب ما أوردته وكالة فرانس بريس؛ فيما نقلتْ مصادر حقوقية أن القوة الأمنية اعتقلت عدداً كبيراً من المهاجرين الأفارقة من داخل المنازل التي يسكنون بها، بعدما تمت مداهمتها، مع إتلاف ممتلكاتهم. وفي هذا السياق قال عبد الإله الخضري، الفاعل المدني والحقوقي المغربي، إن "السلطات لبَّت طلب الأوروبيين من خلال إبعاد مئات الأفارقة من مدن الشمال، الحدودية مع أوروبا، نحو مدن الداخل"، وزاد مستدركا: "لكن أن يقال إن ثمة ظروف حياة أفضل فهذا غير صحيح، إذ إن كل المدن المغربية حاليا تعرف مطاردة ممنهجة ولا هوادة فيها للباعة المتجولين، سواء المغاربة أو الأفارقة". واعتبر الحقوقي ذاته أنَّ هذه خطوة "طارئة، لكن في طياتها مشاكل أخرى قد تتعرض لها مدن الاستقبال"، وزاد موضحا: "قد ينجم عن تداخل جملة من العوامل تزايد في نسبة الجريمة؛ كما قد تترتب عن عملية الترحيل العديد من التجاوزات التي قد تتطور إلى انتهاكات". وأقرَّ الفاعل المدني بأن "من حق الدولة تفعيل التزاماتها الإقليمية والدولية"، مستدركاً: "لكننا أمام ظاهرة مجتمعية عابرة للقارات، فالشعوب الإفريقية، بما فيها شعوب شمال إفريقيا، ليس لها من يدافع عن حقها في الحياة الكريمة والآمنة وفي البحث السلمي عن فرص العيش الكريم". واسترسل الحقوقي ذاته: "من يريد البحث عن حلول حقيقية لهذه الهجرية القسرية المليئة بالمخاطر وهدر الكرامة على نحو دائم ومستدام عليه أن يعالج الأسباب الحقيقية؛ أما التدابير الأمنية الاستعجالية فلن تجدي نفعا في الحد من الهجرة السرية".