كثيرة هي الحالات الصحية التي يتم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، ومنها فيسبوك الذي أصبح ظاهرة هذا العصر بكل المقاييس، الجميع تقريبا لديه حساب على فيسبوك، سواء الأشخاص أو المؤسسات أو الأحزاب أو الجمعيات. وجه الكتاب هو فرصة لتمرير رسائل مشفرة للبعض، وتمرير كلمات حب للبعض الآخر، وفرصة أيضا لنشر الأكاذيب ومكان خصب لنشر الإشاعات، وأرضية للمرتزقة أصحاب الحسابات الوهمية بأسماء مستعارة الذين يستغلون الحالات الإنسانية للتسول بها واستغلالها في أبشع مظاهر اللاإنسانية وانعدام الضمير من أجل كسب المال على حساب الآخرين عن طريق خلق قصص وهمية، محاولين تحريك عاطفة الناس والجانب الإنساني النبيل فيهم، ليتم بعد ذلك النصب عليهم باسم فاعل خير بينه وبين الخير مسافة السماء والأرض؟ فيسبوك والعمل التطوعي، علاقة قوية جدا؛ إذ اتخذت العديد من الجمعيات "وجه الكتاب" كوسيلة سريعة المفعول لها من الشعبية الكبيرة في كل مكان لنشر أعمالها التطوعية والخيرية وما إلى ذلك، من خلال فتح صفحات خاصة بالجمعية، يتم نشر أنشطتها وأفكارها فيها، وكذا نشر إعلانات عن أنشطة مستقبلية تنتظر الدعم المادي من المتتبعين وفاعلي الخير، في ظل ضعف الدعم المادي المقدم للجمعيات، وهناك جمعيات لا تتلقى الدعم أصلا. ولا يخفى على كل فاعل جمعوي دور فيسبوك في خلق روابط وعلاقات جديدة بين الأشخاص والجمعيات أيضا، تحولت فيما بعد إلى علاقات فعلية قوية على أرض الواقع، ناهيك عن كسب أعضاء جدد يملكون من حب العمل الخيري والتطوعي الكثير، ويستطيعون تقديم الإضافة المطلوبة للمجتمع الذي هو في أمس الحاجة إلى مثل هؤلاء الشباب المتحمسين والغيورين على مجتمعهم وعلى وطنهم. فمن خلال تقديم برامج الجمعيات وأنشطتها على فيسبوك بكل تفاصيلها يستطيع المتتبع أن يكوّن فكرة عن الجمعيات التي تشتغل بصدق وبين أخرى تصطاد في الماء العكر وتشوش على العمل الجمعوي بكل وقاحة، والابتعاد عن الحسابات الوهمية التي تتسول باسم فعل الخير. هذه الوقاحة أفرزت انعدام الثقة بين الناس والجمعيات، فيصبح التعميم سيد الموقف "حوتة وحدة كتخنز الشواري"؛ فتظهر الصورة أكثر ضبابية عند البعض، وتحديا للبعض الآخر ومحاولة البحث والتقصي حول مصداقية تلك الجمعية أو العكس. لعب فيسبوك دورا مهما في العمل التطوعي ومازال واجهة للكثيرين من فاعلي الخير وذوي القلوب الرحيمة، الذين ما إن يشاهدوا إعلانا عن مساعدة حتى يتكلفوا بمصاريف تلك الحالة الإنسانية، أو يساهموا على قدر المستطاع إما بشكل مباشر أو عبر إرسال المساهمة عن طريق الحساب البنكي للجمعية، وهذا بعدما يتأكدون من مصدر تلك الحالة وحقيقتها. وكم من حالة تم إنقاذها ورسم الابتسامة على وجهها مجددا، خصوصا الحالات الصحية الحرجة التي تتطلب تكاليف باهظة في وسط أسري فقير يصبح الأمر معه شبه مستحيل، لكن مع تضافر الجهود ونشر الفكرة على نطاق واسع يصبح الأمر ممكنا جدا. كل هذه الأمور لا تخفى على رواد فيسبوك؛ فالأحداث يتم تداولها بشكل يومي وسريع. العمل التطوعي عبر وسائل التواصل الاجتماعي عمل لا يقل أهمية عن أي عمل على الأرض، فيكفي نشر الفكرة والتفاعل معها وإعادة نشرها بين أصدقائك، لتصبح أنت أيضا فاعلا حقيقيا في المجتمع، والدال على الخير كفاعله. حين تقتنع بهذه الأمور ستجد نفسك ضمن جمعية ما، تمارس تفاعلك على الأرض بينما كنت تمارسه بشكل افتراضي. *فاعل جمعوي.