قدم المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، هورست كولر، أمس وبناء على طلبه، إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي. ويتعلق الأمر بإحاطة اعتيادية وغير مفاجئة لم يعقبها صدور أي بيان أو تصريح عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وخلال إحاطته، أطلع "المبعوث الشخصي" أعضاء مجلس الأمن بشأن جولته الإقليمية الثانية، التي قام بها في الفترة من 23 يونيو إلى فاتح يوليوز الماضيين. وقاده التحرك نفسه إلى الجزائر وموريتانيا، كما زار الرباط في 27 يونيو، و العيون والسمارة والداخلة من 28 يونيو إلى فاتح يوليوز 2018. وحسب مصادر دبلوماسية في مجلس الأمن فقد أعرب كولر عن شكره للسلطات المغربية على تيسير زيارته إلى الأقاليم الجنوبية. كما ثمن تمكينه من الالتقاء، بكامل الحرية، بمختلف الأشخاص الذين رغب في مقابلتهم، والاطلاع عن كثب على الطفرة الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المنطقة. وذكرت المصادر ذاتها أن العديد من أعضاء المجلس رحبوا بالأجواء التي جرت فيها الجولة الإقليمية للمبعوث الشخصي، لا سيما زيارته إلى الصحراء. كما أشارت المصادر الى تعبير الغالبية عن الارتيام لنتائج مختلف اللقاءات والزيارات التي قام بها كولر، داعين إياه إلى مواصلة العمل والتفاعل مع جميع الأطراف للحفاظ على زخم إحياء المسلسل. بمجرد الإعلان عن تقديم هذه الإحاطة، قام المغرب بمساعي دبلوماسية مكثفة لدى أعضاء مجلس الأمن في نيويورك، وبالرباط وبالعواصم، للتعبير عن التعاون الكامل من أجل إنجاح زيارة كولر. وقرنت المملكة هذا الموقف بالتشديد على أولوية القيام بتقييم معمق وشامل لفحوى المباحثات بين المبعوث الشخصي والأطراف، وضرورة مواصلة حوار شفاف ومسؤول وهادئ لضمان إعادة إطلاق المسلسل السياسي. كما أكد المغرب أنه لا يمكن أن يكون هناك حل للنزاع الإقليمي حول الصحراء دون التشاور معه ودون انخراط الجزائر، معتبرا إياها الطرف الرئيسي المسؤول عن نشأة هذا النزاع واستمراره. تجدر الإشارة إلى أن مجلس الأمن طلب في قراره رقم 2414 بتاريخ 27 أبريل 2018 من البلدان المجاورة وبينها الجزائر، "تقديم مساهمة هامة في هذا المسلسل وإبداء التزام أكبر من أجل المضي قدما نحو حل سياسي". وشدد العديد من أعضاء مجلس الأمن على ضرورة التقدم بحذر في إطار إحياء المسلسل، من خلال التشاور مع الأطراف وخاصة المغرب بشأن جميع الأفكار والمقترحات. وخلال مختلف لقاءات الوفد المغربي مع المبعوث الشخصي، منذ تعيينه، أعربت المملكة دائما عن التزامها بالمسلسل الأممي، وفقا لمرتكزات موقفها الذي ذكر به الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة تخليد الذكرى ال42 للمسيرة الخضراء، في 6 نونبر 2017. وكان الخطاب قد شدد على أنه "لا لأي حل لقضية الصحراء خارج سيادة المغرب الكاملة على صحرائه، ومبادرة الحكم الذاتي التي يشهد المجتمع الدولي بجديتها ومصداقيتها". كما وجه الملك إلى ضرورة الاستفادة من الدروس التي أبانت عنها التجارب السابقة، بأن المشكل لا يكمن في الوصول إلى حل، وإنما في المسار الذي يؤدي إليه. داعياالأطراف التي بادرت إلى اختلاق هذا النزاع أن تتحمل مسؤوليتها كاملة من أجل إيجاد حل نهائي. "الالتزام التام بالمرجعيات التي اعتمدها مجلس الأمن الدولي، لمعالجة هذا النزاع الإقليمي المفتعل، باعتباره الهيأة الدولية الوحيدة المكلفة برعاية مسار التسوية"، يورد خطاب المسيرة قبل سنة من الحين وعبر الملك، في المنافسة ذاتها، عن الرفض القاطع لأي تجاوز أو محاولة للمس بالحقوق المشروعة للمغرب وبمصالحه العليا، ولأي مقترحات متجاوزة للانحراف بمسار التسوية عن المرجعيات المعتمدة، أو إقحام مواضيع أخرى تتم معالجتها من طرف المؤسسات المختصة. في ختام المشاورات المغلقة لمجلس الأمن، التي جرت بشأن قضية الصحراء أمس الأربعاء، أدلى السفير الممثل الدائم بالنيابة للمملكة المتحدة، جوناثان ألن، الذي تتولى بلاده رئاسة المجلس لهذا الشهر، بتصريح صحافي مقتضب حول محتوى المناقشات بين المبعوث الشخصي للأمين العام، هورست كولر وأعضاء مجلس الأمن. وذكر في هذا الإطار: "هورست كولر لقي دعما كبيرا من قبل المجلس لمقاربته ولمقترحه بمحاولة معرفة ما إذا كان بإمكانه الجمع بين الأطراف قبل نهاية السنة. وأكدنا جميعا على أهمية المشاورات مع جميع الأطراف المعنية". وأضاف ألن أن "المبعوث الشخصي أدرك فحوى الرسالة المتعلقة بضرورة إجراء مشاورات مسبقة ومعززة مع جميع الأطراف المعنية. وأنا مقتنع بأنه سيقوم بهذا الأمر، بما في ذلك ما يتعلق بالمعايير والشكل وباقي الأمور". ويأتي هذا الطلب الموجه من مجلس الأمن إلى المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي تبعا لتشديد المغرب، من خلال مساعيه لدى أعضاء مجلس الأمن، على أن "المملكة لن تقبل أي فكرة أو خطوة مقبلة بدون التشاور معها وموافقتها المسبقة". ومراعاة لمطلب المغرب أدرك أعضاء مجلس الأمن أنه لا يمكن التوصل إلى أي حل لمشكلة الصحراء دون موافقة المملكة. وبالنسبة للرباط، كما لأعضاء مجلس الأمن على حد سواء، يجب أن تتم إعادة إطلاق العملية السياسية في إطار من الشفافية والتشاور والحوار مع جميع الأطراف، خاصة المغرب والجزائر.