تلجأ فئات واسعة من الأسر المغربية، وخاصة الطبقة المتوسطة، إلى وكالات القروض لتدبير مصاريف عيد الأضحى، خاصة حين يتزامن مع مناسبات أخرى، كالعطلة الصيفية، والدخول المدرسي، نظرا لما تتطلبه هذه المناسبات من مصاريف لا تذرُ من الدَّخْل الشهري غيرَ الفتات. اللجوء إلى وكالات القروض من طرف الأسر المغربية، للحصول على قروض الاستهلاك، باتَ أشبه ب"الظاهرة"، إذ أورد تقرير حول استقرار النظام المالي المغربي برسم سنة 2017 أنّ حجم الديون التي تموّل حاجيات الأسر، أو ما يعرف بقروض الاستهلاك، بلغ 115 مليار درهم. عادة ما يبرّر الملتجئون إلى الاقتراض من وكالات القروض أو من الأبناك هذا السلوك بأن ضروريات الحياة تحتّم عليهم ذلك، لكنّ اقتراض المال من أجل اقتناء أضحية العيد يطرح أكثر من علامة استفهام، خاصة أنّ الأمر يتعلق بمناسبة دينية ليس إحياؤها فرضا، بل سُنّة للقادر عليها. "الإقدام على اللجوء إلى الاقتراض من وكالات القروض من أجل شراء أضحية العيد هو تعبير عن الجهل بالدين"، يقول عمر الكتاني، الخبير الاقتصادي المعروف، وأردف متسائلا: "ما معنى اللجوء إلى القروض الربوية، وهي مُحرمة تحريما واضحا، وفيها وعيد شديد من الله ورسوله؟". ويُجمع فقهاء المسلمين على تحريم اقتراض المال من وكالات القروض لاقتناء أضحية، على اعتبار أنَّ ذبح الأضحية ليس فريضة ولا من الضروريات، بل سنّة مؤكدة، لا يجوز إتيانها باللجوء إلى الاقتراض بالفائدة، المحرم شرعا بنصوص واضحة وقطعية في القرآن، وفق إجماع الفقهاء. وحسب تقرير بنك المغرب سابق الذكر فإنّ حجم قروض الاستهلاك يسير في منحى تصاعدي، إذ عرف زيادة بنسبة 4،8 في المائة خلال السنة الفارطة، مقارنة ب3،2 في المائة سنة 2016. ويَعتبر عمر الكتاني أنَّ "لجوء فئة من المجتمع إلى الاقتراض بطريقة لا دينية، مقابل أداء سنّة دينية، يعبّر عن مفارقة كبيرة"، لافتا إلى أنّ الأمر له علاقة بسيكولوجية المغربي، "الذي يحرص على أنْ يظهر أنّ له طاقة للحفاظ على كرامته أمام الجيران وأمام عائلته"، وفق تعبيره. ويؤكّد المتحدث ذاته أنّ القطع مع سلوك اللجوء إلى وكالات القروض لشراء أضحية العيد يقتضي أنْ يغيّر الناس بعض الأفكار الخاطئة المرسخة في أذهانهم، قائلا: "هناك من يعتبر ألا قيمة له في المجتمع إذا لم يقتن أضحية العيد، حتى ولو لم يكن قادرا عليها، وهذا الاعتقاد خاطئ يقتضي تغييرَ عقليات الناس لإزالته".