عاد عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة السابق، إلى إثارة حفيظة الغاضبين من إصلاح الصندوق المغربي للتقاعد الذي أقدمتْ عليه حكومته، والذي وُوجه بمعارضة شديدة من طرف النقابات العمالية ومجموعة من التنسيقيات المدنية، لكنها لم تفلح في الحيلولة دون المصادقة عليه في البرلمان. رئيس الحكومة السابق عرّج على موضوع التقاعد في لقاء تواصلي ضمن ملتقى شبيبة حزب العدالة والتنمية، يوم الإثنين بمدينة الدارالبيضاء، قائلا إنّ الدافع الذي جعله يُقدم على إصلاح نظام التقاعد الخاص بموظفي القطاع العام، هو أنّ الصندوق المغربي للتقاعد كان على وشك الإفلاس. "أنا جيت عند المغاربة وقلت لهم شوفو التقاعد ديالكم في 2021 ولا في 2023 على أكثر تقدير ما يُوصلكم حتى ريال لا ما عْمْلتيوش تضحية اليوم، وشرحت داكشي للناس ووضحتو لهم، ملي دزنا للجانب العملي المغاربة تْقبّْلو. خرّْجو مظاهرات ضدي ما فاتوش ميّة ولا ميّْتين ديال الناس". هذه العبارة الواردة على لسان رئيس الحكومة السابق خلّفتْ ردود فعل غاضبة من طرف معارضي مخططه لإصلاح نظام تقاعد موظفي القطاع العام، الذين اعتبروا أنّ ما جاء على لسان بنكيران مجانب للصواب، موردين أن المعارضين لهذا المخطط خرجوا في مسيرات عدّة بالآلاف. وانهالَ عدد من موظفي القطاع العام بانتقادات لاذعة على بنكيران في مواقع التواصل الاجتماعي، وكتب عمر الشرقاوي، الأستاذ الجامعي: "أنا كموظف والله ما أيدتك، والله لقد ارتكبت في هذ الموضوع جريمة لن أسامحك عنها، كان الأولى بك أن تُصلح تقاعد وزرائك الذين يحصلون على 4 ملايين شهريا، ولا يساهمون فيه بدرهم واحد ويستفيدون من التقاعد بمجرد انتهاء ولايتهم، لكنك اخترت القفز على الحائط القصير". وكانت النقابات العمالية قد رفضت خطة الحكومة لإصلاح نظام تقاعد موظفي القطاع العام، معتبرة إياه "حلا ترقيعيا". وفي هذا الإطار، وصف عبد الرحيم هندوف، عضو المكتب الوطني للتنسيقية الوطنية لإسقاط خطة التقاعد، الإصلاح الذي أعلنت عنه الحكومة السابقة ب"الحل الترقيعي". وانتقد هندوف بشدّة ما جاء على لسان عبد الإله بنكيران، ذاهبا إلى اتهامه، في تصريح لهسبريس، ب"احتقار الموظفين المدنيين"، قائلا: "بنكيران حڭّار، لأنه تجرّأ فقط على إصلاح النظام المدني، ولم يملك الجرأة للاقتراب من النظام العسكري رغم أنه يتخبط في أزمة أعمق". وأردف هندوف: "نظام المعاشات العسكرية لا يتوفر على درهم واحد، ومع ذلك تستمرّ الدولة في ضخّ الأموال فيه لتغطية العجز الذي يعاني منه منذ سنة 1993، وقد دفعت الحكومة السابقة في آخر ولاية لها مليار درهم من أجل توفير معاشات العسكريين، وفي المقابل لا تدفع ما بذمتها لقسم المعاشات المدنية المكلف بتدبير معاشات الموظفين المدنيين". وتصل ديون الصندوق المغربي للتقاعد المترتبة على الحكومة إلى 80 مليار درهم، وقال هندوف: "لو أنّ الحكومات المتعاقبة كانت تدفع ما بذمّتها للصندوق ما كان ليتخبط في الأزمة التي يعاني منها اليوم"، وأردف: "مخطط حكومة بنكيران لإصلاح الصندوق المغربي للتقاعد فيه حڭرة للموظفين المدنيين". واسترسل المتحدث ذاته أنّ الصندوق المغربي للتقاعد ليس وحده الذي يحتاج إلى إصلاح، بل جميعُ الصناديق الأخرى، مشيرا في هذا الإطار إلى أنّ الصندوق الجماعي لمنح رواتب التقاعد يعاني بدوره من أزمة أكبر، ويلجأ إلى فوائد ودائعه لتغطية العجز الذي يعاني منه. ويرى هندوف أنّ الصندوق المغربي للتقاعد لم يكن ليعاني من أزمة لو أنَّ الدولة تدفع ما بذمتها، موضحا: "لو كان الصندوق يتوصل بمساهمات الدولة، لاستغلَّ فوائدها كودائع لتغطية العجز الذي يعاني منه". وفيما بدا رئيس الحكومة السابق، عبد الإله بنكيران، "راضيا" عن خطته لإصلاح الصندوق المغربي للتقاعد، قال هندوف إنّ هذه الخطة "هي حل ترقيعي فقط سيؤجّل أزمة الصندوق إلى غاية سنة 2023، لتطفو مرة أخرى على السطح"، مضيفا: "ما قام به بنكيران شبيه بتغيير موعد انفجار قنبلة موقوتة كي لا تنفجر في وقتها".