لم تهدأ بعد عاصفة الاحتجاجات التي خلّفتها المشاريع الحكومية المتعلقة بإصلاح نظام تقاعُد موظفي القطاع العام؛ بل إنّ نقاباتٍ عمّالية تستعدُّ لخوض مسيرة احتجاجية في الأنفاس الأخيرة من ولاية الحكومة الحالية، يوم الأحد المقبل بالعاصمة الرباط. ويبْدو أنَّ احتجاجات النقابات العمالية والهيئات المدنية المعارضة لمشاريع إصلاح نظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد ستستمرُّ حتّى بعد تنصيب الحكومة المقبلة؛ أكّد عبد الرحيم الهندوف، عضو التنسيقية الوطنية لإسقاط خطة التقاعد، أنّ الاحتجاجات ستستمرّ إلى إسقاط المشاريع الحكومية. وقال الهندوف لهسبريس، في ندوة نظمتْها التنسيقية صباح اليوم الاثنين بمقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالرباط، إن "المعارك ستسمر حتى يتمّ التراجع عن مشاريع القوانين التراجعية التي أقرتها الحكومة. واخّا مشات هاد الحكومة وجات حكومة أخرى حنا سنواصل النضال، لأننا نعتبر هذا مطلبا مشروعا". وكانت الحكومة قد صادقت، شهر يناير الماضي، على مشاريع إصلاح أنظمة التقاعد. واعتبر مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، المصادقة عليها "لحظة تاريخية". وأسْدَل البرلمان الستارَ على مسلسل الشدّ والجذب بين الحكومة وبين النقابات بالمصادقة على مشاريع قوانين إصلاح التقاعد، في جلسة عامة بمجلس المستشارين متمّ شهر يونيو الماضي. وبالرُغم أنَّ البرلمان صادق على مشاريع قوانين إصلاح نظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد، فإنَّ أحزابا سياسية من المعارضة ضمّنتْ برامجها الانتخابية وُعودا بمراجعتها، في حال وصولها إلى الحكومة؛ في حين تتجّه التنسيقية الوطنية لإسقاط التقاعد إلى السير على خُطى الأساتذة المتدرّبين، الذين أسقطوا المرسومين القاضين بفصل التكوين عن التوظيف وتخفيض قيمة منحة التكوين، بعد أشهر من الاحتجاجات. وفي هذا الإطار، قال عبد الرحيم الهندوف: "الأساتذة المتدربون، بالرغم من خروج المراسيم في الجريدة الرسمية ظلوا يحتجون إلى أنْ انصاعت الحكومة لمطالبهم، ونحن سنسلك الطريق نفسها، وسنتسمر في نضالنا إلى حين تحقيق مطلبنا البسيط، وهو التراجع عن القوانين التي سنّتْها الحكومة، وإرجاع ملف التقاعد إلى طاولة الحوار". وفيما تُدافع الحكومة عن قوانين إصلاح نظام المعاشات المدنيّة، قال الهندوف إنّ الحكومة "لم تقم بإصلاحات، بل اتخذتْ إجراءات لتأجيل العجز إلى غاية 2022. وهذه مجرّد حلول ترقيعية، كما فعلت حكومة جطو التي لجأت إلى رفع الاقتطاعات من 7 إلى 10 في المائة لتأجيل الأزمة". وزاد المتحدث قولا: "الحكومة الحالية فعلت الشيء نفسه، لتأجيل الأزمة ورمي الكرة في مرمى الحكومة التي ستأتي، وهذا ليس إصلاحا". ووصفت التنسيقية الوطنية لإسقاط خطة التقاعد القوانين التي أقرّتْها الحكومة ب"مشاريع تخريب أنظمة المعاشات المدنية"، داعية إلى سحْبها. كما أعلنتْ خوْضها لمسيرة احتجاجية يوم الأحد المقبل بالعاصمة الرباط. وسبقَ للنقابات العمّالية أنْ خاضتْ مسيرة يوم 24 يوليوز الماضي، ووقفات احتجاجية جهوية يوم 28 غشت؛ لكنَّ ذلك لمْ يُثْنِ الحكومة عن الدفع بقوانينها نحوَ التفعيل. وبينما تقول الحكومة إنّ النقابات العمّالية لا تقدّمُ بدائلَ حقيقية لإنقاذ الصندوق المغربي للتقاعد من الإفلاس، ردّ عبد الرحيم الهندوف على جواب لهسبريس حوْل البديل الذي يقدّمونه: "الحقيقة أنّ الحلَّ هو العودة إلى ما كان معمولا به قبل سنة 96، كما هو الحال بالنسبة إلى المعاشات العسكرية، أيْ أن تدفع الدولةُ المعاشات والأجور. ما عدا ذلك، ليس هناك حل آخر إلا إذا قررت الدولة أن توسّع وعاء التوظيف". واعتبر المتحدث أنَّ المشكل الأساسي الذي يتخبط فيه الصندوق المغربي للتقاعد يكمن في ضعف التوظيف، إذْ لا تتجاوز نسبته 7 في المائة من الساكنة النشيطة، بينما تصل النسبة في دول مجاورة مثل الجزائر وتونس إلى 16 في المائة، موضحا "لا يمكن أن يكون هناك توازن بالاقتصار على توظيف 7 في المائة فقط. وهذا هو المشكل الأساسي، والدولة هي المسؤولة عنه، وعليها أن تتحمّل عواقب ذلك، وأن تدفع أجور ومعاشات الموظفين، كما هو حال معاشات البرلمانيين والمعاشات العسكرية".